مقالات

وسائل التواصل الاجتماعي والحرب الناعمة

وسائل التواصل الاجتماعي والحرب الناعمة على إيران
لم تنفك الجمهورية الإسلامية تعلن منذ سنوات عن أنّ شبكات التواصل الاجتماعي واحدة من أهم أدوات وأسلحة الحرب الناعمة ضد النظام والمجتمع الإسلامي الإيراني. وفي مؤتمر عُقِدَ في طهران تحت عنوان: “إستراتيجية وسائل الإعلام الداخلية لمواجهة الحرب الناعمة”، أعلن وزير الثقافة والإرشاد الإيراني أن “فيسبوك” وسيلة بيد الولايات المتحدة اُستخدِمت أيام الانتخابات الرئاسية، وهذا الموقع وأمثاله كانوا ينشرون الأكاذيب”[1].

وقد اتّخذت الجمهورية الإسلامية الإيرانية العديد من الإجراءات للحدّ من هذا التغلغل السياسي والثقافي، ومنها تأسيس وإنشاء شبكة تواصل اجتماعي وطنية إيرانية، وحجب مواقع التواصل الأميركية. وقد كشف تقرير نشرته صحيفة “صنداي تلغراف” للكاتب نيك ميو أنّ إيران استخدمت بالفعل أجهزة رقابية لحجب مواقع “فيسبوك” وبريد غوغل و”جي ميل” ومواقع إخبارية أجنبية، كما ذكر التقرير الذي حمل عنوان: “إيران تُخطّط لقطع الاتّصال عبر الإنترنت عن بقية العالم” أن: “الخطط الطموحة ستذهب إلى ما هو أبعد من حجب المواقع الإعلامية الأجنبية ومواقع البريد الإلكتروني، وأضاف التقرير أنه ستكون هناك نسخة إيرانية من فيسبوك وخدمة بريد إلكتروني جديدة ستُسمّى “إيران ميل”[2]، بحيث إذا حاول المُستخدِم الدخول على موقع فيسبوك من خط الإنترنت العادي، فإنه سيُعاد توجيهه إلى صفحة مألوفة على الإنترنت في إيران، تقترح مجموعةً من المواقع التي تُقرّها الحكومة التي قد يودُّ المُستخدِم تجربتها بدلا عن فيسبوك، أو مجموعة مواقع إلكترونية للقرآن.

وتقول الصفحة إنّ المواقع المحجوبة هي تلك التي تُعتبر إجرامية، وتنتهك المقدّسات الإسلامية، أو تهين مسؤولين حكوميّين. لكن بالنسبة للكثير من الإيرانيّين، فإنّ تفادي الرقابة الحكومية أمرٌ يسيرٌ. ويتعيّن على مُستخدِمي هذه المواقع تسجيل عناوينهم ورقم الأمن الاجتماعي الخاص بهم لدى الشرطة.

وقد أصدرت الشرطة الإيرانية المتخصِّصة في شؤون الإنترنت قوانين جديدة، على شكل دليل إرشادي يتألّف من عشرين نقطة، يمنح أصحاب مقاهي الإنترنت مهلة خمسة عشر يومًا لتركيب كاميرات أمنية بهدف جمع معلومات شخصية مفصلة حول الزبائن.

وحازت الخطة الإلكترونية في مواجهة الحرب الناعمة على المجتمع الإيراني على دعم ومساندة الإمام السيد على خامنئي الذي يعتبر أنّ شبكة الإنترنت وسيلةٌ من وسائل الغرب لشن “حرب ناعمة عبر غزو الثقافة الإيرانية”. وتعتبر الحكومة أن مواقع التواصل الاجتماعي، وتبادل الصور جزء من “حرب ناعمة” يشنها أعداء إيران.

وقد أعلنت إيران عن إنشاء المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني، وهي الهيئة المكلفة بالرقابة على الإنترنت، كما ادّعت الحكومة أنّ “جيش إيران السيبري” الّذي هو عبارة عن مجموعة مُدوِّنين مدعومين من الحكومة، وصل إلى أكثر من عشرة آلاف عضو. وقال إبراهيم جباري القائد في الحرس الثوري الإيراني لوكالة فارس شبه الرسمية للأنباء: “نجح الحرس الثوري في تكوين جيش إلكتروني، واليوم هو ثاني جيش إلكتروني على مستوى العالم”[3].

لقد صُمِّمَ المشروع الإلكتروني لتزويد السلطات الإيرانية بسيطرة أكبر على الإنترنت، ويقول المحللون إن هذا النظام شبيه بالأنظمة المُستخدَمة في الصين وكوريا الشمالية.

ويرى “ميو” أنّ هدف الإمام الخامنئي الحقيقي هو رصد النشاط المعارض للنظام، مشيرًا إلى أنهم اعتمدوا على شبكة الإنترنت بصورة كبيرة منذ فشل الثورة الخضراء التي أعقبت الانتخابات الرئاسية المتنازع بشأنها عام 2009.

وعلى الرغم من أن الإيرانيّين لا يواجهون صعوبةً تُذكر في الدخول إلى المواقع المحظورة، فإنّ هذا لا يعني أن الحكومة تهمل “الحرب الناعمة”، وهو التعبير الذي يستخدم لوصف الدعاية الأميركية والغربية التي تهدف لإضعاف نظام الحكم الإسلامي.

وبعيدًا عن حجب المواقع، والتهديد بالإجراء القانوني، فإنّ من الأساليب البسيطة لتقييد الدخول إلى شبكة الإنترنت هو إبطاء النظام لدرجة تجعله غير قابل للاستخدام. ورغم أن هذه السياسة غير معترف بها رسميًّا في إيران، إلّا أنّ الإيرانيّين يؤكّدون حصول ذلك بشكل متكرر في الأوقات الحساسة سياسيًّا، كما حدث حين نظَّمت المعارضةُ مظاهراتٍ عام 2009.

شبكات التواصل الإجتماعي، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1] تقرير تحت عنوان ” وزير الارشاد الإسلامي في ملتقى ” استراتيجية وسائل الإعلام الداخلية لمواجهة الحرب الناعمة ” منشور على موقع وكالة الانباء الإيرانية للكتاب أيبنا بتاريخ 7 بهمن 1388 متوفر على الرابط الاتي: www.ibna.ir/prtef08p.jh87zibdbj.html
[2]  تقرير تحت عنوان ” ملالي إيران يفرضون طوق الإنترنت الحلال بمباركة خامنئي، ويحولون وجهات المستخدم إلى مواقع دينية بدلا من الصفحات الأخبارية ” وكالة ميدل ايست اونلاين / لندن – كرم نعمة ، رابط المصدر: http://middle-east-online.com/?id=130322
[3] المصدر السابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى