مقالات

البعد الإنساني في سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام.

البعد الإنساني في سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام.

بقلم سمير النمر
3 مايو 2025 م

في الوقت الذي كان يعيش العرب قبل الإسلام. حياة قاسية سادت فيها لغة القوة وانعدمت فيها قيم التعايش والرحمة وانتهكت فيها كرامة الانسان. وساد فيها التوحش والغزو والحروب التي أفرزت الناس إلى سادة وعبيد بسبب السبي. والرق اللذان كانا من افرازات الغزو والغازات التي تشن بين قبيلة وأخرى. للنهب والسلب وغاب البعد الانساني الذي يمثل قيم الفطرة التي فطر الله الناس. عليها. ولهذا جاءت رسالة الإسلام التي حملها الرسول محمد صلوات الله عليه وآله إلى قومه. وإلى الناس كافة رحمة لهم ومن أجل إعادة الناس. إلى فطرتهم السليمة. التي فطر الله الناس عليها ولقد كان اختيار واصطفاء الله للرسول لحمل هذه الرسالة نظر المؤهلات الانسانية والاخلاقية التي كان يتصف بها الرسول قبل نزول الوحي عليه. فكان نموذج للانسان الذي حافظ على فطرته. واخلاقه الكريمة. وجسدها في سلوكه قبل البعثة وبعدها والتي يعرفها عنه قومه. حتى الذين لم يؤمنوا به. وهذا البعد الانساني والأخلاقي. ظل الرسول يحمله ويجسده في حياته. وسار على هذا
النهج القيمي والأخلاقي اتباعه بصورة متفاوته.
ولكن كان هناك شخصيات مثلت النموذج الراقي والحقيقي لرسالة الإسلام. التي حملها الرسول خصوصا في فترة مابعد وفاة الرسول التي تحللت الكثير من القيم وعاد الكثير من الناس إلى عادات وثقافة الجاهلية. ومن أبرز هذه الشخصيات التي جسدت البعد الانساني والاخلاقي في سيرتها مع الناس. سواء كان مخالفا أو مواليا لهم. الامام زين العابدين. عليه السلام الذي عاش في فترة الحكم الاموي التي انعدمت فيها قيم الرحمة وساد البطش والظلم والتجبر ولحق الناس نتيجة هذه السياسة الفقر والجوع والتعصب حتى انطمست كثير من معالم الإسلام وقيمه. في ظل سلطة كانت تمارس هذه القيم باسم الإسلام. وبالرغم من الحياة والظلم الذي تعرض له الامام زين العابدين عليه. السلام إلا انه. ظل محافظا على فطرته السليمة مجسدا للقيم الانسانية في حياته وفي تعامله مع الناس في المدنية والإحسان اليهم وتوزيع الصدقات عليهم في السر والعلن كما تحكي كتب التاريخ والمرويات عن الاعمال الانسانية التي خدم بها الناس بمختلف مذاهبهم. ومشاربهم الفكرية. حتى مع اعداءه من بني أمية ولعل ماقام به من ايواء أسرة مروان بن الحكم في منزله بالمدنية عندما ثار الناس على بني أمية يجسد النموذج الانساني الراقي في التعامل مع الناس حتى لوكان عدوه. كما بجسد هذا السلوك انعكاس حقيقي للشخصية الانسانية المحافظة على فطرتها السليمة والتي تحمل قيم الاسلام الحقيقي وقادرة على التحكم في النوازع البشرية التي تحمل روح الانتقام. في نفوس الكثير. من البشر وهذه القيم العظيمة لايحملها الا عظماء كالامام زين العابدين عليه الذي ينتمي إلى مدرسة أهل البيت التي كانت ولازالت منهل للقيم ومثال للأخلاق الانسانية التي يقتدي بها الناس ويعودون إليها عند انحراف النفوس وتحلل القيم وانفصام عرى الإسلام وتفكك المجتمعات.
ولعل المتبع لسيرة الامام زين العابدين عليه السلام والمواقف التي جسدها في حياته تمثل منهجية أخلاقية ودينية لمن يريد أن يعرف روح الإسلام والبعد الإنساني. الذي. حمله. أضافة إلى ماخلفه الإمام زين العابدين من تراث ديني وأخلاقي في رسائل الحقوق والادعية وغيرها من القيم الانسانية التي حملها وجيدها في تعامله مع الناس. ما يجعلنا غير قادرين على الإحاطة بها في هذا المقال
ولهذا علينا جميعا أن نعود إلى قراءة هذه السيرة العطرة والاقتداء بها في سلوكلنا وتعاملنا مع الناس خصوصا في ظل هذه الظروف التي نعيشها في الوقت الحاضر الذي غابت فيه الكثير من القيم الانسانية وحلت محلها قيم الجاهلية وسيادة الظلم والطعيان والفقر وتفكك كثير من عرى المجتمع وروابطه الانسانية والاخلاقية .
فالعودة إلى هذه القيم واحيائها في سلوكنا تمثل طوق النجاة لنا في الدنيا والآخرة وتمثل لنا طريق السعادة والتمكين والنصر على الأعداء الذي يريدوا إطفاء نور الله وطمس قيم الاسلام ومعالمه ورموزه العظيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى