مقالات

البيئة وسلوك التبذير والإفساد

على الإنسان نبذ الإسراف وسلوك الطريق الوسطى فلا افراط ولا تفريط، وهو مبدأ عام لا يختص في جانب معين، فقد نهى الإسلام عن الإسراف لما فيه من أضرار كثيرة، وهو كل سلوك يتعدى الحدود المعقولة والمقبولة، وإذا عطفنا الكلام على موضوع البيئة فإنه يتمثل في الاستخدام المفرط لموارد البيئة بما يشكل خطراً وضرراً على البيئة ومواردها: ﴿…وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾([1]).

﴿… وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً﴾([2]).

فهذا النص القرآني عامّ فيشمل كل سلوك إنساني.

والحق أن الإسراف في استخدام موارد البيئة قد يهدّد البشرية بأخطار كثيرة فمثلاً الإسراف في قطع الأشجار والنباتات أدى إلى مثل جرف التربة الفيضانات العنيفة انتشار التصحّر، الاختلال في دورة الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون وغير ذلك. والقرآن دعا من خلال هذه الايات إلى الاعتدال والوسطية، أي الاستخدام الراشد والاستثمار دون استنزاف لأن اللَّه جعل لكل شي‏ء قدراً ومنها البيئة، والموازنة بين القدرة الانتاجية للبيئة وبين النمو السكاني، والموازنة بين الأعمال اللازمة لاشباع احتياجاته المتسارعة وبين المحافظة على البيئة سليمة خالية من العطب والخلل، فلا تعني حماية البيئة أن نترك كنوز الأرض في مواقعها، ولا التحريم المطلق للاستفادة من ثروات الأرض الحيوانية والنباتية بل تعني الاستفادة دون إسراف لأن البيئة ليست ملكاً لجيل بعينه يتصرف بها كيف يشاء بل هي ميراث البشرية.

كما دعا الإسلام إلى الحفاظ على موارد البيئة ومكوّناتها، ودعا إلى عدم الإسراف في استخدامها فإنه حارب أيضاً كل ما يؤدي إلى فسادها، ولا شك أن الفقر هو أحد الأسباب الكامنة لانتشار الأمراض والأوبئة، لذلك رغب الإسلام في بناء مجتمع يتكامل أبناؤه اجتماعياً، وإضافة إلى ما أوجبه من فرائض مالية كالخمس والزكاة، دعا إلى الإنفاق والتصدق بما يرفع حاجة المحتاجين، وما أكثر الآيات الشريفة الواردة في ذلك: “وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”([3]).

البيئة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) الاعراف: 31.
([2]) الاسراء: 26-27.
([3]) البقرة: 256.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى