مقالات

صدقة السر تطفىء غضب الرب

رُوِيَ أن الإمامِ الصَّادقِ عليه السلام كانَ يحْذُو حَذْوَ جَدِّهِ الإمامِ زينِ العابدين عليه السلام فِي الذَّهابِ ليلاً إلىَ بيوتِ الفُقراءِ للتَّصدُّقِ سِراً.

وفِي ليلةٍ هادئةٍ حالكةِ الظُّلْمةِ، والمطرُ قد بلّل وجهَ الأرض، خَرَجَ الإمامُ الصَّادقُ عليه السلام مَنُ بيتِهِ مِتوجِّهاً إلى ظِلَّةِ بني ساعدةٍ وَهِيَ خيمةٌ يسْتَظلُّها الفقراء ويحتمُونَ تَحْتَها. وبينَما الإمامُ عليه السلام سائرا، إذ بِالمعَلَّى بنُ خُنيسٍ يَرى الإمامَ عليه السلام فتساءَلَ في نفسِهِ: “أينَ يريدُ الإمامُ عليه السلام فِي هذَا اللَّيلِ يَا تُرى؟ واللَّهِ لاَ أتركه وَحْدَهُ في ظُلْمةِ اللَّيلِ المُوحشةِ”. فصَارَ إبنُ خنيسٍ يَمشي خَلْفَ الإمامِ عليه السلام وإذْ بِهِ يسمَعُ صوت سقوطَ شي‏ءٍ واقعاً عنْ كَتفِ الإمام عليه السلام متبعثراً عَلى الأرض، فقال الإمام عليه السلام: “بسمِ الله اللَّهُمَّ رُدَّهُ إِلَيْنَا”.

تعجَّبَ ابنُ خُنيسٍ لِمَا رَأَى وسَمِعَ، عِنْدَها اقْتربَ مِنَ الإمامِ عليه السلام وسلَّم عليْهِ فعرفَهُ الإمامُ مِنْ صوْتِهِ وقال لَهُ: “أَمُعلَّى أَنْتَ؟”.

أَجابَهُ المَعلَّى: “نعم جُعِلْتُ فِدَاك” ثُمَّ انْحنَى إَلى الأرضِ لِيلْتَقِطَ مَا وَقعَ مِنَ الإمام عليه السلام فإذْ به خبزٌ كثيرٌ قدْ تناثر.

فقالَ لهُ الإمامُ عليه السلام: “إِلْتَمسْ بيدِكَ الأرضَ فَما وَجَدْتَ شيئاً فهَاتَهُ”. جمعَ المُعلَّى الخُبزَ عِنَ الأرضِ وأَعْطاهُ للإمامِ لَكِنَّهُ لاَحظَ أنَّ الإمامِ عليه السلام قد تعبَ مِن حمْلِ كيس الخُبْز فاستأْذنَ أنْ يحملَ الكيسَ عَنْهُ، ولكنَّ الإمامَ عليه السلام لمْ يقبلْ قائلاً: “لا، أنا أوْلى بِهِ منكَ، ولَكِنْ تعالَ معي”.

سارَ المعلَّى مَعَ الإمامِ عليه السلام حتَّى وصَلا إلى ظِلَّةِ بَني ساعدةٍ فأخذَ الإمامُ عليه السلام يتناولُ الرَّغيفَ والرَّغيفينِ ويُعطيهما للفقراء. ولمَّا انْتهى الإمام عليه السلام مِنْ توزيعِ الخُبزِ عليهم عَادَ ومَعَهُ مَعلَّى، فقالَ لهُ الإمامُ عليه السلام: “صدقةُ اللَّيلِ تطفيء غَضَبَ الرَّبِّ وتَمْحو الذَّنبَ وتُهوِّنُ الحِسابَ”.


حفيف العلم- مجموعة قصصية، جمعية النور

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى