مقالات

مسؤوليتا تجاه صاحب الزمان (عج)

يقع على عاتقنا كمسلمين مؤمنين بظهور المخلص في يوم من الأيام عدة مسؤوليات، علينا أن نراعيها وأن نلتزم بها، ومن أهم هذه المسؤوليات:

1- التمهيد لظهور صاحب الزمان:
يجب أن نعلم أنّ ظهور وليّ العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف، مثلما أنّه بالثورة الاسلامية في ايران أصبح أقرب خطوةً، فبتوسع دائرة الثّورة أيضًا يمكن أن يقترب أكثر، أي أنّ هذا الشّعب نفسه الّذي قام بهذه الثّورة، وقرّب نفسه خطوةً إضافية إلى إمام زمانه، يمكنه أيضًا أن يتقدّم خطوةً ثمّ خطوةً ثمّ خطوة نحو إمام زمانه. فكيف (ذلك)؟ لا بدَّ من الإلتفات إلى نقطتين:

أ- تطبيق الإسلام بشكل كامل:
يحب العمل على توسعة دائرة تطبيق الإسلام في إيران والعالم، فإنّ الإسلام الكامل ليس متحقّقًا، ولكن قسمٌ من الإسلام قد طبّقه هذا الشّعب في إيران ـ فهذا المقدار من الإسلام كلّما انتشر في الآفاق الأخرى للعالم، وفي البلاد الأخرى، وفي المناطق المظلمة، فإنّه بالمقدار نفسه سيساعد ويقرّب من ظهور وليّ الأمر وحجّة العصر.

ب- الاقتراب المعنويّ من صاحب الزمان:
إنّ الاقتراب من إمام الزمان ليس بمعنى الاقتراب المكانيّ، ولا بمعنى الاقتراب الزّمانيّ. فأنتم الّذين تريدون أن تقتربوا من ظهور إمام الزّمان، عليكم أن تعلموا أنَّ الاقتراب من إمام الزّمان ليس له تاريخٌ محدَّد، كأن يُقال مثلًا، بعد مئة سنة أو خمسين سنة، حتّى نقول أنّنا عبرنا سنةً أو سنتين أو ثلاث سنوات، من هذه الخمسين أو المئة سنة، فيبقى عندئذٍ هذا المقدار من السّنوات، كلّا، وليس أيضًا بلحاظ المكان حتّى نقول إنّنا تحرّكنا من هنا باتّجاه غرب العالم أو شرقه مثلًا، أو نحو الشّمال أو الجنوب، لنرَى أين هو وليّ العصر لنصل إليه، كلّا. إنّ اقترابنا من إمام الزّمان هو اقترابٌ معنويّ، أي أنّكم في كلّ زمانٍ إذا استطعتم أن تزيدوا من حجم المجتمع الإسلاميّ كمًّا ونوعًا إلى خمس سنوات أو عشر سنوات أخرى، أو حتّى مئة سنة أخرى، فإنّ إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف سيظهر.

لو استطعتم أن تُحقّقوا في أنفسكم، وفي غيركم، في داخل مجتمعكم – هذا المجتمع الثّوريّ – التّقوى والفضيلة والأخلاق والتّديّن والزّهد والقرب المعنويّ من الله، وجعلتم قاعدة ظهور وليّ العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف أكثر رسوخًا وإحكامًا، وكلّما استطعتم أن تزيدوا، باللحاظ الكمّي والمقدار، عدد المسلمين المؤمنين والمخلصين، فإنّكم تكونون هنا أيضًا أقرب إلى إمام الزّمان وإلى زمن ظهور وليّ العصر. فنحن نستطيع أن نُقرّب مجتمعنا وزماننا وتاريخنا خطوةً خطوةً نحو تاريخ ظهور وليّ العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف.

يجب أن تُصبح كلّ قوانيننا ومقرّرات بلدنا وإداراتنا ومؤسّساتنا التنفيذيّة وكلّ شيء إسلاميًّا بلحاظ الظّاهر والمحتوى، وأن نقترب نحو أسلمتها يومًا بعد يوم. هذه هي الجهة الّتي تمنحنا وتمنح حركتنا معنى انتظار وليّ العصر. أنتم تقرؤون في دعاء النّدبة أنّ إمام الزمان يقاتل الفسوق والعدوان والطّغيان والنّفاق، ويزيل كلّ ذلك، ويقضي عليه، وعلينا اليوم أن نتحرّك في مجتمعنا بهذا الاتّجاه ونتقدّم. هذا هو الشّيء الّذي يُقرّبنا إلى إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف من النّاحية المعنويّة، ويُقرّب مجتمعنا نحو مجتمع وليّ العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف، ذلك المجتمع المهدويّ العلويّ التّوحيديّ، ويزيده قربًا.

2- تقوية العلاقة الروحية بإمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف:
فيما يتعلّق بضرورة الارتباط العاطفيّ والمعنويّ والرّوحيّ بإمامنا العظيم، وليّ الله المعصوم، بالنسبة إلى كلّ واحدٍ منّا، القضيّة لا ينبغي أن تجعلوها محدودة في إطار التّحليل الفكريّ والاستنارة الفكريّة. فذاك المعصوم، الّذي هو صفيّ الله، يعيش اليوم بيننا نحن البشر في مكانٍ ما من هذا العالم، ونحن لا نعلمه. إنّه موجودٌ، ويدعو، ويقرأ القرآن، ويبيّن المواقف الإلهيّة. إنّه يركع ويسجد ويعبد ويدعو ويظهر في المجامع ويساعد البشر. فله وجودٌ خارجيّ ووجودٌ عينيّ، غاية الأمر أنّنا نحن لا نعرفه. إنّ هذا الإنسان الّذي اصطفاه الله، موجودٌ اليوم، ويجب أن نقوّي علاقتنا به من الناحية الشّخصيّة والقلبيّة والروحيّة، مضافاً إلى الجانب الاجتماعيّ والسّياسيّ، والّذي بحمد الله صار نظامنا متوجّهًا نحو ما يريده هذا الإنسان العظيم، إن شاء الله. فليجعل كلّ واحدٍ من أبناء مجتمعنا توسّلَه بوليّ العصر، وارتباطه به، ومناجاته معه، وسلامه عليه، وتوجّهه إليه، تكليفًا وفريضةً، وليدعو له كما لدينا في الروايات، وهو الدعاء المعروف “اللهمّ كن لوليّك”1 الّذي يُعدّ من الأدعية الكثيرة الموجودة. ويوجد زياراتٌ في الكتب، هي جميعًا، مضافاً إلى وجود البعد الفكريّ والوعي والمعرفة فيها، يوجد فيها أيضًاّ بعدٌ روحيّ وقلبيّ وعاطفيّ وشعوريّ، وهو ما نحتاج إليه أيضًا. إنّ أطفالنا وشبابنا ومجاهدينا في الجبهة يحصلون على الرّوحية والمعنويّات بالتوجّه والتوسّل بإمام الزمان، ويفرحون ويتفاءلون. وببكاء الشّوق ودموعه المنهمرة يُقرّبون قلوبهم إليه، وهم بذلك يعطفون نظر الحقّ وعنايته إليهم، مثلما أنّ ذلك يتحقّق مع الإمام، ويجب أن يكون موجودًا.

* جمعية المعارف الإسلامية


1- الشيخ الكليني، الكافي، ج 4، ص 162.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى