مقالات

الوصايا الغالية من السجاد للباقر (عليهما السلام)

زود الامام العظيم السجاد (عليه السلام) ولده الباقر (عليه السلام) وسائر أبنائه بوصايا تربوية حفلت بالآداب العالية والقيم الكريمة التي تضمن لمن عمل بها السلامة والراحة، وتهيئ له جواً من الطمأنينة، والبعد عن مشاكل هذه الحياة.. وهذه بعضها:

1 ـ قال (عليه السلام) لولده الباقر: «يا بني لا تصحبن خمسة، ولا تحادثهم، لا تصحبن الفاسق فإنه يبيعك بأكلة فما دونها، قلت: يا أبت وما دونها؟ قال: يطمع فيها ثم لا ينالها، ولا تصحب البخيل فإنه يقطع بك أحوج ما تكون إليه، ولا تصحب الكذاب فإنه بمنزلة السراب يبعد عنك القريب، ويقرب منك البعيد، ولا تصحب الاحمق فانه يريد أن ينفعك فيضرك، وقد قيل: عدو عاقل خير من صديق أحمق، ولا تصحب قاطع رحم فإنه ملعون في كتاب الله في ثلاثة مواضع: في سورة محمد قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ( 1) وفي سورة الرعد حيث يقول تعالى: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(2 ).

وفي سورة الأحزاب حيث يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً.)(3)..»(4 )

وقد حذر الامام (عليه السلام) في هذه الوصية من مزاملة هؤلاء الاشخاص المصابين في أخلاقهم خوفا من انتقال أمراضهم النفسية الى من يصحبهم فإن للصحبة أثرا فعالا في تكوين السلوك الشخصي للفرد.

2 ـ وأوصى (عليه السلام) ولده الامام الباقر بهذه الوصية القيمة قال له: «إفعل الخير الى كل من طلبه منك فإن كان أهلا فقد أصبت موضعه، وإن لم يكن بأهل كنت أنت اهله، وان شتمك رجل عن يمينك ثم تحول الى يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره…»( 5).

وحفلت هذه الوصية بمكارم الاخلاق التي طبعت عليها نفوس أهل البيت (عليه السلام) فإن الحث على فعل الخير، والصفح عن المسيء كل ذلك من ذاتياتهم ومن أبرز ما عرفوا به.

3 ـ قال الامام الباقر (عليه السلام): كان أبي علي بن الحسين يقول لولده:
«اتقوا الكذب الصغير منه، والكبير في كل جد وهزل لأن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير…» ( 6).

لقد ربى الامام (عليه السلام) ولده بمحاسن الأعمال وغرس في نفوسهم النزعات الشريفة، ونهاهم عن كل ما يوجب انحطاط الانسان في سلوكه.

4 ـ وأوصى (عليه السلام) ولده الامام الباقر بهذه الوصية الرفيعة قال (عليه السلام):
«يا بني العقل رائد الروح، والعلم رائد العقل، والعقل ترجمان العلم، واعلم أن العلم ابقى، اللسان أكثر هذرا، وان اصلاح الدنيا بحذافيرها في كلمتين بهما اصلاح شأن المعايش ملء مكتال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل( 7) لأن الإنسان لا يتغافل عن شيء قد عرفه ففطن له، واعلم أن الساعات تذهب عمرك، وأنت لا تنال نعمة إلا بفراق أخرى وإياك والأمل الطويل فكم من مؤمل لا يبلغه، وجامع مال لا يأكله، ومانع مال سوف يتركه، ولعله من باطل جمعه، ومن حق منعه اصابه حراما وورثه واحتمل اصره، وباء بوزره وذلك هو الخسران المبين»( 8).

هذه بعض وصاياه وقد حفلت بالآداب الرفيعة والحكم القيمة والتوجيه السليم، ولم يضعها لأبنائه فقط، وإنما وضعها للناس جميعا على اختلاف قومياتهم وأديانهم.

حياة الإمام الباقر (عليه السلام)، الشيخ باقر شريف القرشي

( 1) سورة محمد: آية 22 و 23.
( 2) سورة الرعد: آية 25.
(3 ) سورة الأحزاب: آية 57.
(4 ) الاتحاف بحب الأشراف (ص 50).
( 5) تحف العقول (ص 282).
( 6) وسائل الشيعة 3 / 232.
( 7) أثرت هذه الكلمة الذهبية في كثير من المصادر الى الامام الباقر.
(8 ) كفاية الأثر ( ص 319 ) للخزاز.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى