مقالات

المجالس الحسينية والطريق إلى شكر النعمة

إن الحقيقة التي لا ريب فيها هي أن الله سبحانه وتعالى سوف يسأل الإنسان يوم القيامة عن جميع النعم التي منّ بها عليه.وإن من أعظم النعم الإلهية علينا هي مجالس العزاء التي تقام إحياء لذكرى فاجعة عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام .

وللأسف فإن إخواننا من المسلمين غير الشيعة قد حُرموا من هذه النعمة العظيمة التي بإمكانهم استثمارها إذا أرادوا، طبعاً هناك القليل منهم من يقيم مراسم العزاء لأبي عبد الله عليه السلام لكنه ليس رائجاً عندهم كما هو رائج عند الشيعة بهذا الشكل الواسع الذي يعرفه الجميع.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما هي الفائدة التي يجب أن تجنى من هذه الذكرى ومن هذه المجالس؟ وما هو الطريق لشكر هذه النعمة؟ أما الجواب على هذه الأسئلة وأمثالها فهو ملقى على عاتقكم أنتم.

فهذه النعمة الكبيرة هي التي تربط القلوب بمنابع الإيمان بالله وبالغيب مباشرة، وهي التي جعلت الحكام الطواغيت على طول التاريخ يرتجفون خوفاً وفزعاً من عاشوراء، ومن قبر الإمام الحسين عليه السلام فقد بدأ هذا الخوف منذ زمن بني أمية وتواصل إلى يومنا هذا.

وقد شاهدتم نموذجاً لهذا الخوف والفزع أثناء أحداث الثورة الإسلامية المباركة، فحينما حلّ شهر محرم ـ في أيام الثورة الإسلامية لم يتمكن النظام الشاهنشاهي الرجعي الكافر والفاسد من القيام بأي عمل وشلَّ عن الحركة تماماً.

وتشير التقارير المتبقية من زمن ذلك النظام المنحط بصراحة إلى أن النظام البهلوي ومع حلول شهر محرم الحرام قد فقد السيطرة على كل شيء فلت زمام المبادرة من يده في جميع أرجاء البلاد.

وقد عرف إمامنا الراحل قدس سره ـ ذلك الرجل الحكيم وصاحب النظرة الثقافية ـ كيف يستغل أيام عاشوراء من أجل السعي إلى تحقيق أهداف الإمام الحسين عليه السلام العظيمة، فقد أعلن قدس سره بأن محرم هو شهر انتصار الدم على السيف، وبهذا المنطق ـ وببركة شهر محرم ـ انتصر الدم على السيف في إيران الإسلامية وكما خطط له الإمام الراحل قدس سره .

هذه إحدى النماذج التي شاهدتموها ولمستموها في أثناء أحداث ثورتنا الإسلامية المباركة.

إذن لا بد من استثمار حركة هذه النعمة الإلهية بشكل كامل وبنّاء من قِبَل العلماء وأبناء الشعب معاً.أما استثمار أبناء الشعب لهذه النعمة فيتمثل في إقامة مجالس العزاء وتوسيعها على أكبر نطاق ممكن والمشاركة الفعّالة والجادّة فيها.

ويجب أن تكون تلك المشاركة بقصد الاستفادة الحقيقية وليس مجرد إتلاف للوقت أو محاولة الحصول على الثواب الأخروي ـ بالشكل الذي يتصوره بعض السذّج من الناس ـ فمن المؤكد أن المشاركة والحضور في هذه المجالس يستتبعه الثواب الأخروي، ولكن السؤال:ما هو السبب في الحصول على الثواب من خلال المشاركة في مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السلام ؟

فمن المسلّم أن هذا الثواب يتحصل نتيجة لسبب من الأسباب وما لم يتحقق ذلك فإن الثواب سوف لا يحصل قطعاً، ولكن البعض يغفل ـ وللأسف ـ عن هذه النقطة ويعتبر أن مجرد الجلوس في المجالس الحسينية كافٍ على الثواب الأخروي.

إذن يجب على أبناء الأمة معرفة القيمة الحقيقية والأهمية البالغة لتلك المجالس والمشاركة الجادّة فيها وجعلها وسيلة لتعميق الارتباط القلبي بينهم وبين الحسين عليه السلام وآل النبي صلى الله عليه وآله وسلم واتخاذها ـ تلك المجالس ـ للوصل بينهم وبين روح الإسلام والقرآن.


*الثورة الحسينية,نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية,الطبعة الاولى نيسان,2001/1422-ص:130

المصدر : شبكة المعارف الإسلامية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى