مقالات

من وصايا الإمام الباقر عليه السلام

من أنفس ما تركه الأئمة (عليهم السلام) للمسلمين هو وصاياهم الكثيرة، الحافلة بالتوجيه والأخلاق والحكم والمعارف والآداب، فلم يعرف التاريخ الإسلامي مثل هذه الوصايا لمن سبقهم أو تأخر عنهم من العلماء والحكماء، وما ذلك إلّا لحرصهم على توجيه المجتمع، وإصلاح الأمة، وبث الأخلاق بين الناس؛ ولمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الباقر (عليه السلام) نورِدُ بعض وصاياه (عليه السلام):

1- من وصية له (عليه السلام) لعمر بن عبد العزيز: دخل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين على عمر بن عبد العزيز فقال: يا أبا جعفر أوصني؛ قال(عليه السلام): ” أُوصيكَ أن تتخذَ صغيرَ المسلمين وَلداً، وأَوسَطَهُم أخاً، وكبيرَهُم أباً، فارحمْ ولْدَكَ، وصِل أخاكَ، وبرّ أباكَ، وإذا صنعتَ مَعروفاً فَرَبِّهِ”.

2- ومن وصيته (عليه السلام) أوصى بها جابر بن يزيد الجعفي: عن جابر الجعفي قال: قال لي محمد بن علي(عليه السلام): “يا جابر إنّه من دَخَلَ قَلبَه صَافِيَ دِينِ الله أَشْغَلَهُ عَمَّا سِوَاهُ، يا جابر مَا الدُنيا وما عَسى أنْ تكون، هلْ هِيَ إلّا ثوبٌ لبِسْتَه، أوْ لُقْمَةٍ أَكَلْتَها، أَو مَرْكِبٍ رَكِبْتَه، أو امرأةٍ أَصَبْتَها؛يا جابر: إنَّ المُؤمنين لمْ يَطمَئِنّوا إِلى الدُنيَا لبِقاءٍ فِيهَا، ولم يَأْمَنُوْا قُدُوْمَ الآخِرَةِ عليَهِم، ولم يَصُمّهُم عن ذكرِ اللهِ ما سَمِعُوا بِآذانِهم من الفِتْنَة، ولم يُعْمِهِم من نورِ اللهِ ما رَأَوْا بأعيُنِهِم منَ الزِّينَة، فَفَازُوا بِثَوابِ الأبْرَار، إنّ أهلَ التَقْوَى أَيْسَرُ أَهلِ الدُنيا مَؤُونَة، وأكثرُهُم لكَ مَعُوْنَةً، إن نَسيتَ ذَكَّرُوك، وإن ذَكَرْتَ أَعَانُوك، قَوَّالِيْن بِحَقِ اللهِ، قَوَّامِيْن بأمرِ الله”.

3- ومن وصية له (عليه السلام) لعمر بن عبد العزيز: لما دخل المدينة عمر بن العزيز قال مناديه: من كانت له مظلمة أو ظلامة فليحضر، فأتاه أبو جعفر (عليه السلام)، فلما رآه استقبله وأقعده مقعده، فقال (عليه السلام): “إنّما الدُنيا سُوقٌ من الأسواقِ يَبتاعُ فيهَا الناسُ ما يَنفَعُهم وما يَضُرُّهم، وكم قومٌ ابتاعُوا ما ضرَّهُم فلَم يُصبِحُوا حتى أتاهُم الموْتُ، فَخَرَجُوْا من الدُنيا مَلُوْمِيْنَ لَمَّا لَمْ يَأْخُذُوْا مَاْ يَنْفَعُهُم في الآخرةِ، فَقَسَّمُوا ما جَمعُوا لِمَن لَم يَحْمَدْهُم، وَصَارُوْا إِلى من لا يَعْذُرُهُم، فَنَحنَ واللهِ حَقِيْقُوْنَ أَنْ نَنْظُر إلى تلك الأَعمالِ التي نَتَخَوَّفُ عليهِم منها، فَكُفَّ عنها واتقِ اللهِ، واجعلْ في نفسكَ اثنَتَين: اْنظُر إلى ما تُحِبَ أَن يكونَ معكَ إذا قَدِمْتَ على رَبِّكَ فَقَدِّمْهُ بين يديك، وانْظرْ إلى ما تَكْرَه أن يكون معك إذا قَدِمْتَ على ربِّكَ فَقَدِّمْهُ بين يَديَكَ، وانظرْ إلى ما تَكْرَه أن يكونَ معكَ إذا قَدِمْتَ على ربِّكَ فَارْمِهِ وَرَاءَكَ، ولا تَرغَبَنَّ في سلْعَةٍ بَارَتْ على مَنْ كانَ قَبلَكَ فَتَرجُوْ أَن يَجُوْزَ عَنْك، وافْتَح الأَبْوَابَ، وسَهِّل الحِجَابَ، وأَنْصِف المَظْلومَ، وَرُدَّ الظَالِمَ”.

4- ومن وصية له (عليه السلام) لجابر بن يزيد الجعفي: يا جابر: “أَنْزِل الدُنيا كَمَنْزِلٍ نَزَلْتَ بِهِ وارْتَحَلْتَ مِنْهُ، أوْ كَمَالٍ أَصَبْتَهُ في مَنَامِكَ فاسْتَيْقَظْتَ وَلَيْسَ مَعَكَ مِنْهُ شيء؛ إِنَّما هي مَعْ أَهْلِ الُّلب والعَالِمِيْنَ باللهِ تَعالى كَفَيْءِ الظِلَالِ فاحْفَظْ مَا اسْتَرْعَاكَ اللهُ تَعالى مِنْ دِينِهِ وَحِكْمَتِهِ” .

5- ومن وصية له (عليه السلام): “عَلَيْكُم بِالْوَرَعِ والاجْتِهَادِ وصِدْقِ الحَدِيْثِ وأَدَاءِ الأَمانةِ إلى منِ ائْتَمَنَكُمْ عليهَا بَرَّاً كانَ أَو فَاجِرَاً، فلَوْ أَنَّ قَاتِلَ عَلي ابنِ أَبي طَالِبٍ ائْتَمَنَنِي على أَمَانَةٍ لأَدَّيتَها إِلَيه”.

6- ومن وصية له (عليه السلام) لبعض أصحابه: قال جابر: دخلنا على أبي جعفر (عليه السلام) ونحن جماعة بعدما قضينا نسكنا فودعناه وقلنا له: أوصنا يا ابن رسول الله ؛ فقال: “ليُعِنْ قَوِيُّكُم ضَعِيفَكُم، وليَعطِف غَنِيّكُم على فَقِيرِكُم، وليَنَصَحْ الرَّجُلُ أَخَاهُ كَنُصْحِهِ لنَفْسِهِ واكْتُمُوا أَسرَارَنَا، ولا تَحمِلُوا النّاس على أَعنَاقَنَا، وانْظُرُوا أَمرَنَا ومَا جَاءَكُم عنّا، فإنْ وَجَدْتُموه للقُرآَنِ مُوَافِقَاً فَخُذَوا بِه، وإن لم تَجدُوهُ مُوَافقاً فَرُدُّوه، وإن اشتَبَهَ الأَمْرُ عليْكُم فَقِفُوا عِندَه ورُدّوْهُ إِلينا حتى نَشرَحَ لكم مِن ذلك ما شُرح لنا، فإذا كنتم كَمَا أَوصَيْنَاكُم لمَ تَعْدُوا إلى غَيرِهِ، فَماتَ مِنكُم مَيْتٌ قَبلَ أَن يَخرُجَ قَائِمَنَا كان شَهيدَاً، وإن أَدرَكَ قَائِمَنا فقُتِل معه، كان له أجرَ شَهيْدَينِ، ومَنْ قَتَلَ بين يَدَيِه عَدوُّاً لنَا كان له أَجرَ عِشْرِيْنَ شَهِيْداً”.

7- ومن وصية له (عليه السلام) أوصى بها شيعته في الحث على طلب العلم: “تَعَلَّمُوا العِلمَ، فإنّ تَعَلُّمَهُ حَسَنَةً، وطَلَبُهُ عِبَادَة، والمُذَاكَرَةُ له تَسبِيْح، والبَحْثُ عنه جهاد، وتَعْلِيمُه صَدَقَة، وبَذْلٌهُ لِأًهْلِهِ قُرْبَة، والعِلمُ ثِمَارُ الجَنّة، وأُنْسٌ في الوَحْشَة، وصَاحِبٌ في الغُربَة، ورَفيقٌ في الخَلوَة، ودَليلٌ على السَرَّاء، وعَونٌ على الضَرَّاء، ودِيْنٌ عندَ الأَخِلَّاء، وسلاحٌ عندَ الأَعدَاء، يَرفعُ اللهُ بهِ قَوْمَاً فَيَجْعَلُهُم في الخَيرِ سَادَةً، ولِلنَّاسِ أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِفِعَالِهِم، ويُقتَصُّ آثَارَهُم، ويُصَلِّي عليهِم كُلُّ رَطِبٍ ويَابِسٍ، وحِيتَانُ البَحرِ وهَوَامُهُ، وسَبُعُ البَرِّ وأَنعَامُه”.

المصدر : شبكة المعارف الإسلامية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى