الجواب : جاء في تفسير مجمع البيان : « { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ } [آل عمران: 159] أي : استخرج آراءهم ، واعلم ما عندهم.
واختلفوا في فائدة مشاورته صلى الله عليه واله إيّاهم ـ مع استغنائه بالوحي عن تعرّف صواب الرأي من العباد ـ على أقوال :
أحدها : إنّ ذلك على وجه التطييب لنفوسهم ، والتآلف لهم ، والرفع من أقدارهم ، ليبيّن أنّهم ممّن يوثق بأقوالهم ، ويرجع إلى آرائهم ، عن قتادة والربيع وابن إسحاق.
وثانيها : إنّ ذلك لتقتدي به أمّته في المشاورة ، ولم يروها نقيصة ، كما مدحوا بأنّ أمرهم شورى بينهم ، عن سفيان بن عيينة.
وثالثها : إنّ ذلك ليمتحنهم بالمشاورة ، ليتميّز الناصح من الغاش.
ورابعها : إنّ ذلك في أُمور الدنيا ، ومكائد الحرب ، ولقاء العدو ، وفي مثل ذلك يجوز أن يستعين بآرائهم ، عن أبي علي الجبائي » (1).
وعن ابن عباس بسند حسن : لمّا نزلت : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ) ، قال رسول الله صلى الله عليه واله : ( أما أنّ الله ورسوله لغنيان عنها ، ولكن جعلها الله رحمة لأمّتي ، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً ، ومن تركها لم يعدم غيّاً ) (2).
إنّ هذه الرواية تفيد : أنّ استشارته صلى الله عليه واله أصحابه لا قيمة لها على صعيد اتخاذ القرار ، لأنّ الله ورسوله غنيان عنها ، لأنّهما يعرفان صواب الآراء من خطئها ، فلا تزيدهما الاستشارة علماً ، ولا ترفع جهلاً ، وإنّما هي أمر تعليمي أخلاقي للأُمّة … ، وإذا كانت الاستشارة أمراً تعليمياً أخلاقياً ، فلا محذور على الرسول الأعظم صلى الله عليه واله فيها (3).
____________
1 ـ مجمع البيان 2 / 428.
2 ـ الدرّ المنثور 2 / 90 ، فيض القدير 5 / 565 ، فتح القدير 1 / 395.
3 ـ الصحيح من سيرة النبيّ 6 / 90.
المصدر : شبكة المعارف الإسلامية .