مقالات

السرقة وجمع المال من الحرام

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾([1]).

وقد بيّن تعالى ما حرّم وما أحلّ من وسائل جمع المال. قال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾([2]).

فأمّا الحلال البيّن فلا حرج من الاستفادة منه. وأمّا الحرام البيّن فلا رخصة في إتيانه -في حالة الاختيار-. وهناك منطقة بين الحلال البيّن والحرام البيّن، هي منطقة الشبهات الّتي يلتبس فيها أمر الحلّ بالحرمة على بعض الناس، إمّا لاشتباه الأدلّة عليه، وإمّا للاشتباه في تطبيق النصّ على هذه الواقعة أو هذا الشيء بالذات. وقد جعل الإسلام من الورع أن يتجنّب المسلم هذه الشبهات ولكن أكثر الناس لا يكتفون بالحلال بل يقدمون على الحرام ولا يعبأون بالشبهات، وهذا ما أدّى بهم إلى الوقوع في حبائل الشيطان.

عن الإمام الصادق عليه السلام: “يقول إبليس لعنه الله: ما أعياني في ابن آدم فلن يعييني منه واحدة من ثلاث: أخذ مال من غير حلّه، أو منعه من حقّه، أو وضعه في غير وجهه”([3]).

من الوسائل المحرّمة في جمع المال

1 – الاعتداء على أموال الآخرين:
ويتمّ بأشكال مختلفة منها السرقة والغصب وتندرج تحت عنوان الظلم والمنكر.

ويتمّ الاعتداء على أموال الناس أحياناً بصورة سرّية وبعيداً عن نظر صاحب المال، كالسطو على البيوت وسرقة أموال الناس، ويطلق على هذا النوع من الاعتداء المالي عنوان (السرقة). وأحيانا يسلبون من الآخرين أموالهم حيلة وتزويراً وله أشكال مختلفة. وهذا كلّه محرّم بلا إشكال.

قال تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾([4]).

2 – أكل مال اليتيم:

إنّ من الأعراف القبَلية أنّه إذا تيتّم الطفل في أسرة، ولم يكن هناك مرجع قانونيّ أو سلطة قضائيّة رسميّة لتعيِّن قيّما رسميّا عليه، فإنّ كبيرها يصبح وليَّه تلقائيّا.

وكان وليُّ اليتيم ـ الّذي يعيش في كنفه ورعايته ـ يرى الخيار التامَّ لنفسه فيتملك جميع أموال الطفل اليتيم ولا يمنعه مانع من هذا العمل، وهو الاعتداء على ماله. من هنا يؤكّد القرآن الكريم مراراً وبإصرار على أن لا يتصرّف الكبار في أموال اليتامى أو لا يقتربوا منها إلّا لمصلحة اليتيم.

قال تعالى: ﴿ وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾([5]).

ونهى عن التصرّف بأموال اليتيم قبل أن يبلغ إلّا بأفضل صورة:

﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾([6]).

3 – التطفيف في الميزان:
يعتبر التطفيف في الميزان من أقبح أنواع الظلم في التبادل التجاري، وقد شدّد القرآن الكريم النهي عنه. وآيات القرآن الكريم تحكي على لسان النبيّ شعيب عليه السلام أنّ التطفيف في المكيال كان أحد المفاسد الشائعة في قومه. قال تعالى:

﴿وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ * وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾([7]).

4- التدليس والغشّ:
وهما من المحرّمات لما يترتّب عليهما من مفاسد وينطبق عليهما عنوان أكل المال بالباطل الوارد النهي عنه في الآية الكريمة.

وورد عن الإمام الباقر عليه السلام: “مر ّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلمفي سوق المدينة بطعام فقال لصاحبه: ما أرى طعامك إلّا طيّبا وسأله عن سعره، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن يدسّ يديه في الطعام ففعل فأخرج طعاما رديًّا، فقال لصاحبه: ما أراك إلّا وقد جمعت خيانة وغشًّا للمسلمين”([8]).

… قد جآءتكم موعظة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


([1]) سورة النساء، الآية: 29.
([2]) سورة البقرة، الآية: 275.
([3]) الخصال، الشيخ الصدوق، ص132.
([4]) سورة المائدة، الآية: 38.
([5]) سورة النساء، الآية: 2.
([6]) سورة الأنعام، الآية: 152.
([7]) سورة هود، الآيتان: 84- 85.
([8]) الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج5، ص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى