مقالات

عندما نبكي الحسين عليه السلام هل نقتدي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم. أم نخالفه.؟

بقلم السيد/ صادق الشرفي

ينكر الكثير من الناس على الشيعة بكائهم وعويلهم على الإمام الحسين عليه السلام واظهارهم الحزن في مجالسهم وشعائرهم. يقول البعض البكاء لا يرد الحق والبعض يقول البكاء دليل ضعف وهو للنساء وليس للرجال. ويقول آخرون أن المؤمن لا يبكي على شهادة قريبة بل يحتفل . يا ترى كيف يكون موقف هؤلاء القوم عند قرائتهم أحاديث في مختلف كتب المسلمين تذكر بكاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو خير الخلق وأكمل الناس إيمانا بالله ورجولة وشجاعة وصبرا وقوة . وبكائه على الإمام الحسين عليه السلام كان قبل استشهاده بأكثر من خمسين سنة. يعني بكى على الإمام الحسين قبل أن تحدث واقعة الطف وقبل قتل الإمام الحسين عليه السلام فما الذي كان ليصنع رسول الله صلى الله عليه وآله لو كان حيا حين استشهد سبطه أو لو بعث في زماننا. انا اعرف مسبقا أن الكثير من الناس سيصطدم والبعض سيعاند ويختلق حججا واعذارا. والبعض ربما يقول ان هذا لا يعقل لأنه لا يفعل ذلك إلا من لا عقل له والعياذ بالله. لأنه توجد نفسيات مشابه لنفسية ذو الثدية والخوارج الذين قالوا حسبنا كتاب الله وتحولوا إلى الموقف الباطل عنادا وتكذيبا وتعصبا ولكن الكثير من المتحيرين سينتفعون بقرائة هذا المنشور.
وإليكم بعض الأحاديث تذكر بكاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الإمام الحسين عليه السلام من المصادر السنية.

ألم يرو الامام أحمد بن حنبل من حديث علي (عليه السلام) ـ في ص85 من الجزء الاول ـ من مسنده، بالاسناد إلى عبد الله بن نجا عن أبيه: أنه سار مع عليّ (عليه السلام)، فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين، نادى: «صبراً أبا عبد الله، صبراً أبا عبد الله بشط الفرات»، قال: قلت: وما ذاك؟ قال: «دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: قام من عندي جبرئيل قبل، فحدثني أن ولدي الحسين يقتل بشط الفرات، قال: فقال: هل لك إلى أن أشمّك من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني إن فاضتا»(1).

وأخرج ابن سعد ـ كما في الفصل الثالث من الباب الحادي عشر من الصواعق المحرقة لابن حجر(2) ـ عن الشعبي، قال: مرّ علي (رضي الله عنه)بكربلاء عند مسيره إلى صفين، وحاذى نينوى، فوقف وسأل عن اسم الارض؟ فقيل: كربلاء، فبكى حتى بلّ الارض من دموعه، ثم قال: «دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك ـ بأبي أنت وأمي ـ؟ قال: كان عندي جبرائيل آنفاً، وأخبرني أن ولدي الحسين يقتل بشاطئ الفرات، بموضع يقال له كربلاء…»(3).

وأخرج الملاّ ـ كما في الصواعق(4) أيضاً ـ: أنّ علياً مرّ بموضع قبر الحسين (عليهما السلام)، فقال: «هاهنا مناخ ركابهم، وهاهنا موضع رحالهم، وهاهنا مهراق دمائهم، فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة، تبكي عليهم السماء والارض»(5).

ومن حديث أم سلمة ـ كما نصّ عليه ابن عبد ربه المالكي(6)، حيث ذكر مقتل الحسين في الجزء الثاني من العقد الفريد ـ قالت: كان عندي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومعي الحسين، فدنا من النبي (صلى الله عليه وآله)، فأخذته، فبكى، فتركته، فدنا منه، فأخذته، فبكى، فتركته، فقال له جبرئيل: أتحبه يا محمد؟ قال: «نعم»، قال: أما إنّ أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك الارض التي يقتل بها، فبكى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)(7).

وروى الماوردي الشافعي ـ في باب إنذار النبي (صلى الله عليه وآله) بما سيحدث بعده(8)، من كتابه أعلام النبوة ـ عن عروة، عن عائشة، قالت: دخل الحسين بن علي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يوحى إليه، فقال جبرائيل: إن أُمّتك ستفتتن بعدك وتقتل ابنك هذا من بعدك، ومدّ يده فأتاه بتربة بيضاء، وقال: في هذه يقتل ابنك، اسمها الطف، قال: فلما ذهب جبرائيل، خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)إلى أصحابه والتربة بيده ـ وفيهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، وحذيفة، وعثمان، وأبو ذر ـ وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: «أخبرني جبرائيل: أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف، وجاءني بهذه التربة، فأخبرني أنّ فيها مضجعه».

وأخرج الترمذي ـ كما في الصواعق وغيرها ـ: أنّ أم سلمة رأت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ فيما يراه النائم ـ باكياً، وبرأسه ولحيته التراب، فسألته؟ فقال: «قتل الحسين آنفاً»(9).

قال في الصواعق: وكذلك رآه ابن عباس نصف النهار، أشعث أغبر، بيده قارورة فيها دم يلتقطه، فسأله؟ فقال: «دم الحسين وأصحابه، لم أزل أتتبعه منذ اليوم»(10)، قال: فنظروا فوجدوه قد قتل في ذلك اليوم(11) (12).

المأتم الحسيني / عبد الحسين شرف الدين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الصواعق المحرقة 2 / 566.
وراجع أيضاً: مسند أبي يعلى (363)، مسند البزار (884)، والذخائر للمحب الطبري: 148، المعجم الكبير: (2811)، مجمع الزوائد 9 / 187 وقال: رجاله ثقات، سير أعلام النبلاء 3 / 288.
(2) كلّ ما ننقله في هذا المقام عن الصواعق، من هذا الحديث وغيره، موجود في أثناء كلامه في الحديث الثلاثين، من الاحاديث التي أوردها في ذلك الفصل، فراجع «المؤلف».
(3) الصواعق المحرقة 2 / 566.
وراجع أيضاً: المعجم الكبير للطبراني (2811)، مجمع الزوائد 9/187 وقال: رجاله ثقات.
(4) الصواعق المحرقة 2 / 566.
(5) وهذا الحديث رواه أصحابنا بكيفية مشجية، عن الباقر عليه الصلاة والسلام، ورووه عن هرثمة وعن ابن عباس، وإن أردت الوقوف عليه فدونك ص108 ومابعدها إلى ص112 من الخصائص الحسينية «المؤلّف».
(6) في سطر 15 من ص243 من جزئه الثاني المطبوع سنة 1305، وفي هامشه زهر الاداب «المؤلّف».
(7) وأخرج البغوي في معجمه وأبو حاتم في صحيحه من حديث أنس ـ كما في الصواعق ـ نحوه «المؤلّف».
راجع: الصواعق المحرقة 2 / 564 و 565.
(8) وهو الباب الثاني عشر في ص23 من ذلك الكتاب «المؤلّف».
(9) سنن الترمذي (3774)، الصواعق المحرقة 2 / 567، ذخائر العقبى: 148.
(10) وأخرجه من حديث ابن عباس أحمد بن حنبل في ص283 من الجزء الاول من مسنده، وابن عبد البر والعسقلاني في ترجمة الحسين (عليه السلام)من الاستيعاب والاصابة، وخلق كثير «المؤلف».
(11) وراجع أيضاً: الصواعق المحرقة 2 / 567، المعجم الكبير: (2822)، مختصر تاريخ ابن عساكر 7 / 152، سير أعلام النبلاء 3 / 315، البداية والنهاية 8 / 200، ذخائر العقبى: 148.
(12) وللمزيد حول بكاء النبي (صلى الله عليه وآله) على الحسين (عليه السلام) في مصادر أهل السنة راجع: مستدرك الحاكم 3 / 176 و 4 / 398، تاريخ الخميس 1 / 300 و 418، الامالي للشجري: 165، كنز العمال 13 / 111 و 6 / 223، مقتل الحسين 1 / 158 و 159 و 163، وسيلة المآل: 183، الفصول المهمّة: 154، ينابيع المودة: 318 و 320، الفتح الكبير 1 / 55، روض الازهر: 104، الكواكب الدرية 1 / 56، الخصائص الكبرى 2 / 126، تاريخ الخلفاء: 10، التاج الجامع 3 / 318، الكامل في التاريخ 3 / 303، ذخائر المواريث 4 / 300، تاريخ الاسلام 2 / 350، كفاية الطالب: 286، مصابيح السنة: 207، تاريخ الرقة: 75، نظم درر السمطين: 215، الغنية لطالبي طريق الحق 2 / 56، لسان العرب 11 / 349، النهاية 2 / 212.
وراجع أيضاً: كتاب سيرتنا وسنتنا للعلامة الاميني، وكتاب أنباء السماء برزية كربلاء للمحقق الطباطبائي، وكتاب إحقاق الحق: المجلد 11.

المصدر: كتاب الملتقى.

المصدر : ملتقى الوعي والتلاحم الشبابي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى