مقالات

النبي الاكرم (ص) من فترة الشباب الى مزاولة التجارة

يحمل القادة الالهيون العظماء وأصحاب الرسالات السماوية على كواهلهم مسؤوليات كبرى، ومهام عظمى تلازم – في الأغلب – التعرض للمتاعب والمصاعب، والعذاب، وتحمل الأذى، بل وربما التعرض للقتل والاغتيال، وكلما كبرت الاهداف، عظمت المشاكل، والمتاعب.

وعلى هذا الاساس، فان نجاح القادة الرساليّين يتوقف على مدى صبرهم واستقامتهم في وجه الاتهامات والمضايقات، وفي وجه الأذى والعذاب، لأن الصبر والتحمل في جميع مراحل الجهاد والعمل هو الشرط الاساسيّ للوصول الى المقصود، والى تحقيق الهدف المنشود والغاية المطلوبة.

من هنا ليس لقائد حقيقي أن يخشى كثرة العدو، وليس له ان ينسحب، أو يضعف لقلّة الاتباع والمؤيدين وبالتالي ليس له أن يقلق للنوائب فتخور عزيمته، او ترخو إرادته، مهما عظمت حلق البلاء واشتدت، ومهما تزايدت، أو تواترت.

إنّنا نقرأ في تاريخ الأنبياء وقصصهم اُموراً يعسر على الانسان العاديّ هضمها، ويصعب تصوُّرها.

فعن نوح النبيّ عليه السّلام نقرأ أنه دعا قومه تسعمائة وخمسين عاماً، ولم تنتج هذه الدعوة الطويلة المضنيةُ سوى قلة من المؤمنين والمؤيدين الذين لم يتجاوز عددهم الواحد والثمانين، وهذا يعني أنه لم يوفق في كل اثني عشر عاماً الا لهداية شخص واحد.

إنّ إرادة الصبر وقوّة التحمّل، والتصبر تظهر لدى الإنسان شيئاً فشيئاً، فلا بدّ أن تتلاحق حوادثُ صعبةٌ، ولا بد أن يمرَّ المرء بنوائب مزعجة حتى تأنس روحُه بالامور الثقيلة، والقضايا الصعبة.

لقد قضى رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم شطراً من حياته قبل البعثة في رعي الغنم في الصحاري والقفار، ليكون بذلك صبوراً في تربية الناس الذين سيكلَّف بقيادتهم وهدايتهم، وليستسهل كل صعب في هذا المجال.

إن ادارة المجتمع البشريّ من أصعب الاُمور التي تواجه القادة، ورجال الاصلاح والمقدرة على الإدارة هذه لا تسنح ولا تتهيّأ لأحد إلا بعد مزاولة الاُمور الصعبة، وممارسة الأعمال الشاقة، وربما يكون قيام النبيّ صلّى اللّه عليه وآله برعي الغنم من هذا الباب، ولهذا جاء في الحديث: “ما بعث اللّه نُبيِّاً قطُّ حتّى يسترعيه الغنم ليُعلّمهُ بذلِك رعية النّاس”1.

لقد قضى النبيُّ صلّى اللّه عليه وآله شطراً من عمره الشريف في هذا المجال، وينقل كثيرٌ من أرباب السير والمؤرخين هذه العبارة عنه صلّى اللّه عليه وآله: “ما مِن نبيّ إلا وقد رعى الغنم” قِيل: وأنت يا رسُول اللّه ؟ فقال: “أنا رعيتُها لأهل مكّة بِالقراريط”2.

إن شخصية عظيمة يُفترضُ فيها أن تواجه – في المستقبل – أشخاصاً عنودين كأبي جهل وأبي لهب، وأن تصنع ممن انحطت أفكارهم حتى أنهم سجدوا لكل حجر ومدر، أفراداً لا يخضعون لأي شيء سوى ارادة الحق ومشيئته، لابّد أن تتسلح قبل ذلك بسلاح الصبر، وتتجهز بأداة التحمل، وتتزود مسبقاً بقدرة الاستقامة على طريق الهدف، وهذا لا يكون إلا بتعويد النفس على هذه الصفات، وحملها على مشاق الاعمال.

سبب آخر لرعي الغنم:
ويمكن أن نذكر هنا سّبباً آخر أيضاً وهو ان رجلاً حرّ النفس والعقل كرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله تجري في شرايينه وعروقه دماء الغيرة والشجاعة كان يشق عليه ان يشاهد كل ذلك الظلم والحيف الذي كان يمارسه طغاة مكة، وعتاة قريش وزعماؤها الظالمون القساة بحق الضعفاء، والمحرومين، وكذا كان يشق عليه ان يرى تظاهرهم بالعصيان والفسوق في حرم اللّه، وعند بيته المعظم.

إن اعراض سُكّان مكة عن عبادة اللّه الواحد الحق، وطوافهم حول تلك الأصنام الخاوية هي – بلا ريب – أسوأ واقبح ما يكون في نظر الرجل الفاهم، والعاقل العالم، واثقل ما يكون عليه.

من هنا رأى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله أن يقضي ردحاً من الزمن في الصحاري والقفار وعند سفوح الجبال التي كانت يومئذ بعيدة بطبيعة الحال عن تلك المجتمعات الفاسدة وأحوالها وأوضاعها، ليستريح (أو يتخلص) بعض الشيء من آلامه الروحية الناشئة مِن رؤية تلك الأوضاع المزرية، والأحوال المشينة.

على أنّ هذا الأمر لا يعني أن للرجل المتقي أن يسكت على الفساد والظلم، ويقرّ عليهما.

ويفرّق بين حياته وحياة الآخرين ويعتزل عنهم ويتخذ موقف اللامبالاة تجاه الأوضاع المنحرفة، والاحوال الشاذة، بل ان النبيّ صلّى اللّه عليه وآله لما كان مأموراً من جانب اللّه سبحانه بالسكوت والانتظار، لانه لم تكن ظروف “البعثة” والهداية قد توفرت وتهيأت بعد لذلك اتخذ صلّى اللّه عليه وآله مثل هذا الموقف.

سببٌ ثالث:
ولقد كان هذا العمل (أي الاشتغال برعي الاغنام في البراري والقفار وعند السهول وسفوح الجبال) فرصة جيدة لأن يتمكن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله من النظر في خلق السماوات والتطلع في النجوم والكواكب وأحوالها وأوضاعها، وبالتالي الامعان في الآيات الأنفسية والآفاقية التي هي جميعاً من آيات وجود اللّه تعالى، ومن مظاهر قدرته وحكمته وعلمه وإرادته.

ان قلوب الأنبياء والمرسلين مع أنها منوَّرة بمصابيح المعرفة المشرقة ومضاءة بأنوار الايمان والتوحيد منذ بدء فطرتها، وخلقتها، ولكنهم مع ذلك لا يرون أنفسهم في غنىً عن النظر في عالم الخلق، والتفكر في الآيات الالهية، اذ من خلال هذا الطريق يصلون إلى أعلى مراتب الايمان، ويبلغون اسمى درجات اليقين، وبالتالي يتمكنون من الوقوف على ملكوت السماوات والأرضين.

إقتراحُ أبي طالب:
لقد دفع وضع (محمّد) المعيشي الصعب “أبا طالب” سيد قريش وزعيمها الذي كان معروفاً بالسخاء وموصوفاً بالشهامة، وعلو الطبع، وإباء النفس إلى ان يفكر في عمل لابن أخيه، كيما يخفف عنه وطأة ذلك الوضع.

ومن هنا اقترح على ابن أخيه “محمّد” العمل والتجارة بأموال “خديجة بنت خُويلد” التي كانت امرأة تاجرة، ذات شرف عظيم، ومال كثير، تستأجر الرجال في مالها أو تضاربهم اياه بشيء تجعله لهم منه.

فقد قال أبو طالب للنبيّ صلّى اللّه عليه وآله: يا ابن أخي هذه خديجة بنت خويلد قد انتفع بمالها اكثرُ الناس وهي تبحث عن رجل أمين، فلو جئتها فوضعت نفسك عليها لأسرعت اليك، وفضّلتك على غيرك، لما يبلغها عنك من طهارتك.

ولكن إباء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وعلوّ طبيعته، منعاه من الإقدام بنفسه على هذا الأمر من دون سابق عهد، ولهذا قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لعمّه: فلعلّها أن ترسل إليّ في ذلك، لأنّها تعرف بأنه المعروف بالأمين بين الناس.

فبلغ “خديجة” بنت خويلد، ما دار بين النبيّ وعمه “أبي طالب”، فبعثت إليه فوراً تقول له: إنّي دعاني الى البعثة اليك ما بلغني من صدق حديثك وعظم أمانتك، وكرم أخلاقك، وأنا اعطيك ضعف ما اُعطي رجلاً من قومك وابعثُ معك غلامين يأتمران بأمرك في السفر.

فاخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عمّه بذلك فقال له ابو طالب: “إنّ هذا رِزقٌ ساقهُ اللّه إليك”3.

هل عمِل النبيُ أجيراً لخديجة:
وهنا لا بدّ من التذكير بنقطة في هذا المجال وهي:

هل عمل النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أجيراً في أموال خديجة، أم أنه قد عمل في تجارتها بصورة اُخرى كالمضاربة، وذلك بأن تعاقد النبي مع خديجة على أن يتاجر بأموالها على أن يشاركها في ارباح تلك التجارة ؟

انّ مكانة البيت الهاشميّ، وإباء النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه وآله، ومناعة طبعه، كل تلك الاُمور والخصال توجب أن يكون عملُ النبيّ في أموال خديجة قد تمّ بالصُورة الثانية (أي العمل في تجارتها على نحو المضاربة لا الإجارة)، وتؤيّد هذا المطلب امور هي:

أولاً: انه لا يوجد في اقتراح أبي طالب أيّة اشارة ولا أي كلام عن الإجارة، بل قد تحاور أبو طالب مع إخوته (أعمام النبيّ) في هذه المسألة من قبل وقال: “امضوا بنا إلى دار خديجة بنت خويلد حتى نسألها ان تعطي محمّداً مالاً يتجر به”4.

ثانياً: ان المؤرخ الأقدم المعروف باليعقوبي كتب تاريخه: ان النبي ما كان أجيراً لأحد قط5.

ثالثاً: ان الجنابذي صرّح في كتابه “معالم العترة” بأن “خديجة” كانت تضاربُ الرجال في مالها، بشيء تجعله لهم منه (اي من ذلك المال او من ربحه)6.

تهيّأت قافلة قريش التجارية للسفر الى الشام، وفيها أموال “خديجة” أيضاً، في هذه الاثناء جعلت “خديجة” بعيراً قوياً وشيئاً من البضاعة الثمينة تحت تصرّف وكيلها (اي النبيّ صلّى اللّه عليه وآله) وامرت غلاميها (ميسرة وناصحاً) اللذين قررت ان يرافقاه صلّى اللّه عليه وآله، بان يمتثلا أوامره، ويطيعاه، ويتعاملا معه بأدب طوال تلك الرحلة، ولا يخالفاه في شيء7.

وأخيراً وصلت القافلة إلى مقصدها واستفاد الجميع في هذه الرحلة التجارية أرباحاً، إلا أن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله ربح اكثر من الجميع، كما أنه ابتاع أشياء من الشام لبيعها في سوق ” تهامة”.

ثم عادت تلك القافلة التجارية إلى “مكة” بعد ذلك المكسب الكبير، والحصول على الربح الوفير.

ولقد تسنّى لفتى قريش “محمّد” أن يمرّ – للمرة الثانية في هذه السفرة – على ديار عاد وثمود.

وقد حمله الصمتُ الكبير الذي كان يخيّم على ديار واطلال تلك الجماعة العاصية المتمردة في نقلة روحانية الى العوالم الاُخرى اكثر فاكثر، هذا مضافاً إلى أن هذه الرحلة جدّدت خواطره وذكرياته في السفرة الاُولى، فقد تذكّر يوم طوى مع عمه “ابي طالب” هذه الصحاري نفسها وهذه القفار ذاتها، وما كان يحظى فيها من عمه من الحدب والعناية.

وعندما اقتربت قافلة قريش إلى “مكة”، وصارت عند مشارفها، التفت “ميسرة” غلامُ خديجة، الى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وقال: “يا محمَّد لقد ربحنا في هذه السفرة ببركتك ما لم نربح في اربعين سنة، فاستقبل بخديجة وأبشرها بربحنا” فأخذ النبي باقتراح ميسرة، وسبق القافلة العائدة في الدخول الى مكة، وتوجه نحو بيت “خديجة” بينما كانت خديجة جالسة في غرفتها، فلما رأت النبي مقبلاً عليها، نزلت من منظرتها وركضت نحوه واستقبلته، وأدخلته في غرفتها، فخبّرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بما ربحوا، ببيان جميل، وكلام بليغ، فسرت “خديجة” بذلك سروراً عظيماً، ثم قدم “ميسرة” في الأثر، ودخل عليها، وأخبرها بكل ما رآه وشاهد من النبيّ صلّى اللّه عليه وآله في تلك السفرة من الكرامة والخير، والخُلق العظيم، والخصال الكريمة، ومن الاُمور التي كانت برمتها تدل على عظمة شخصيته صلّى اللّه عليه وآله، وسمو خصاله8، ومن جملة ما حدثها به ميسرة هو أنه لما وقع بين النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وبين رجل تلاح وجدال في بيع قال له ذلك الرجل: إحلف باللات والعُزى، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: ما حلفتُ بهما قط، وإني لأمرُّ فاعرضُ عنهما9.

وحدثها أيضاً بأنه لما مرّ ببصرى نزلا في ظل شجرة ليستريحا فقال راهبٌ كان يعيش هناك لما رأى النبيّ يستريح في ظل تلك الشجرة -: “ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبيّ” سأل عن اسمه، فأخبره ميسرة باسمه فقال: “هو نبيّ وهو آخر الأنبياء، إنه هو هو ومُنزّلِ الانجيل، وقد قرأت عنه بشائر كثيرة”10.

خديجة زوجةُ الرّسول الاُولى:
حتى قبل ذلك اليوم لم تكن حالة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله الاقتصادية ووضعه المالي يُحسدُ عليه، فقد كان بحاجة إلى مساعدة عمّه “أبي طالب” المالية، ولم يكن شغله على النحو الذي يكفي لضمان نفقاته، من جانب، وتمكينه من اختيار زوجة وشريكة حياة وتكوين عائلة، من جانب آخر.

ولكن هذه السفرة إلى الشام وبخاصة على نحو الوكالة والمضاربة في أموال امرأة جليلة، معروفة في قريش (أعني خديجة) ساعدت والى حدّ كبير على تثبيت وضعه الاقتصادي وتقوية بنيته المالية.

ولقد اعجبت “خديجة” بعظمة فتى قريش وسموّ أخلاقه، ومقدرته التجارية حتى أنها أرادت أن تعطيه زيادة على ما تعاقدا عليه، تقديراً له، واعجاباً به، ولكنه اكتفى بأخذ ما تقرر في البداية ثم توجه إلى بيت عمه “أبي طالب” وقدّم كل ما أخذه من “خديجة” الى عمه “أبي طالب” ليوسّع به على أهله.

ففرح “أبو طالب” بما عاين من ابن اخيه، وبقية أبيه “عبد المطلب”، وأخيه “عبد اللّه” وأغرورقت عيناه بالدموع، وسرّ بما حقق من نجاح وما حصل عليه من ربح من تلك التجارة سروراً كبيراً، واستعدّ أن يعطيه بعيرين يسافر عليهما ويتاجر، وراحلتين يُصلح بهما شأنه، ليتسنى له بأن يحصل على ثروة ومال يعطيه لعمه ليختار له زوجة.

في مثل هذه الظروف بالذات عزم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عزماً قاطعاً على أن يتخذ لنفسه شريكة حياة ويكوّن اُسرة، ولكن كيف وقع الاختيار على “خديجة” التي سبق لها أن رفضت كل طلبات الزواج التي تقدم بها كبار الاثرياء والشخصيات القرشية مثل “عقبة بن أبي معيط”، و”أبي جهل” و”أبي سفيان” للزواج بها ؟؟!، وماذا كانت العلل التي جمعت هذين الشخصين غير المشابهين، من حيث مستوى الحياة، والثراء ؟ وكيف ظهرت تلك الرابطة القوية، وتلك العلاقة المعنويّة العميقة، والاُلفة والمحبة بينهما إلى درجة أنَّ “خديجة” سلام اللّه عليها وهبت كل ثروتها للنبيّ صلّى اللّه عليه وآله لينفقها في نشر الإسلام، وإعلاء كلمة الحق، وإرساء قواعد التوحيد، وبث الدين الجديد، وأصبحت تلك الدار المفخمة التي كانت تزينها الكراسي المرصّعة، والستر المطرّزة، المصنوعة من أغلى الأقمشة الهندية، والإيرانية، ملجأ للمسلمين، وملتقى لانصار الرسالة ؟!!

لا بدَّ من البحث عن جذور هذه الحوادث في تاريخ حياة “خديجة” نفسها، فان من المسلّم والبديهيّ أن هذا النوع من الفداء، والتفاني والإيثار لم يكن ثابتاً ليتحقق ما لم يكن لها جذور معنوية وطاهرة.

إن صفحات التاريخ لتشهد بأنّ هذا الزواج كان ناشئاً من إيمان “خديجة” بتقوى عزيز قريش وفتاها الامين “محمّد” وطهره، وحبها الشديد لعفته وكرم أخلاقه، ولهذا قال النبيّ الاكرم صلّى اللّه عليه وآله في حقها: “أفضل نساء الجنة أربع: خديجة…”11. إنها أول إمرأة آمنت برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله.

فقد قال علي أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبته التي يشير فيها إلى غربة الإسلام في مبدأ البعثة النبوية الشريفة: “لم يجمع بيتٌ واحِدٌ يومئذٍ في الإسلام غير رسُول اللّه وخديجة وأنا ثالِثُهما”12.

ويكتب “إبن الأثير” قائلاً: إنّ عفيفاً الكندي كان إمرأً تاجراً قدم مكة أيام الحج فرأى رجلاً قام تجاه الكعبة يصلّي ثم خرجت امرأةٌ تصلّي معه، ثم خرج غلامٌ فقام يصلي معه، فمضى يسأل العباس عمَّ النبيّ عن هؤلاء، وعن هذا الدين، فقال العباس: هذا محمّد بن عبد اللّه ابن أخي زعم أن اللّه ارسله، وهذه امرأته خديجة آمنت به، وهذا الغلام علي بن أبي طالب آمن به، وأيمُ اللّه ما أعلم على ظهر الأرض أحداً على هذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة13.

وينبغي هنا أن نعطي لمحة عن مكانة خديجة في الإسلام تكميلاً لهذه الدراسة.

خديجة في أحاديث الرسول صلّى اللّه عليه وآله:
لقد اكتسبَت “خديجةٌ” بفضل إيمانها العميق بالرسالة المحمدية، وتفانيها في سبيل الاسلام، وبسبب حرصها العجيب على حياة صاحب الرسالة وسلامته، وعملها المخلص على انجاح مهمته، ومشاركتها الفعّالة، في دفع عجلة الدعوة الى الامام، ومشاطرتها للنبي في اكثر ما تحمله من محن واذى بصبر واستقامة وحب ورغبة.

لقد اكتسبت خديجة بفضل كل هذا وغيره مكانة سامية في الإسلام، حتى ان النبيّ ذكرها في أحاديث كثيرة وأشاد بفضلها، ومكانتها وشرفها على غيرها من النساء المسلمات المؤمنات، وذلك ولا شك ينطوي على اكثر من هدف.

فمن جملة الأهداف التي ربما توخاها النبيّ صلّى اللّه عليه وآله من الاشادة بخديجة سلام اللّه عليها الفات نظر المرأة المسلمة الى القدوة التي ينبغي أن تقتدي بها في حياتها وسلوكها في جميع المجالات والأبعاد، والظروف، والحالات.

هذا مضافاً إلى ما يمكن أن تقدمه المرأة وهي نصف المجتمع (إن لم تكن اكثره أحياناً) من دعم جدّي للرسالة، مادياً كان أو معنوياً.

وفيما يلي نأتي ببعض الأحاديث الشريفة التي تعكس مكانة خديجة، ومقامها، ومدى إسهامها في نصرة الإسلام ودعم دعوته، وإرساء قواعده.

1 – عن أبي زرعة عن ابي هريرة يقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (وآله): “أتاني جبرئيل عليه السّلام فقال يا رسول اللّه هذه خديجة قد أتتك ومعها آنية فيها ادام أو طعام أو شراب، فاذا هي أتتك فاقرأ عليها السّلام من ربّها ومنّي، وبشِّرها ببيتٍ في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصبِ”14.

2 – عن عائشة قالت: ما غِرتُ على امرأة ما غِرتُ على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين، لما كنتُ اسمعه يذكرها، ولقد أمره ربُه عزّ وجلّ ان يبشرها ببيت من قصب في الجنة، وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها الى خلائلها (اي خليلاتها وصديقاتها)15.

3 – وعن عائشة أيضاً قالت ما غِرت على نساء النبيّ صلّى اللّه عليه (وآله) وسلّم إلا على خديجة، واني لم أدركها، (قالت ): وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه (وآله) وسلّم إذا ذبح الشاة فيقول: أرسلوا بها الى اصدقاء خديجة قالت: “أي عائشة” فاغضبتُه يوماً فقلت: خديجة !! فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: “اني قد رزقت حبّها”16.

4 – ومن هذا القبيل ما كان يقوم به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مع صاحبات خديجة من الاحترام لهن والاحتفال بهنّ: فقد وقف صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على عجوز فجعل يسألها، ويتحفاها، وقال: “ان حسن العهد من الايمان، انها كانت تأتينا أيام خديجة”17.

5 – وروي عن انس قال كان النبيّ صلّى اللّه عليه (وآله) إذا اُتي بهدية قال: “إذهبوا بها إلى بيت فلانة فانها كانت صديقة لخديجة إنها كانت تحب خديجة”18.

6 – روى مجاهد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه (وآله) وسلّم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوماً من الايام فادركتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزاً فقد أبدلك اللّه خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدَمُ شعره من الغضب، ثم قال: “لا واللّه ما أبدلني اللّه خيراً منها، آمنت بي إذ كفر الناسُ، وصدّقتني وكذّبني الناسُ وواستني في مالها اذ حرمني الناسُ ورزقني اللّه منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء” قالت عائشة فقلت في نفسي: لا أذكرها بسيئةٍ ابداً19.

7 – عن يعلى بن المغيرة عن ابن ابي رواد قال: دخل رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه (وآله) وسلّم على خديجة في مرضها الذي ماتت فيه، فقال لها: “يا خديجة أتكرهين ما أرى منك، وقد يجعل اللّه في الكُره خيراً كثيراً، أما علمت أن اللّه تعالى زوّجني معك في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم اُخت موسى وآسية امرأة فرعون…”20.

8 – عن عكرمة عن ابن عباس قال خطّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أربع خطط في الأرض وقال: أتدرون ما هذا ؟ قلنا: اللّه ورسولُه أعلم، فقال رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله: “أفضل نساء الجنة أربع: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد، ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون”21.

9 – عن أنس جاء جبرئيل الى النبيّ صلّى اللّه عليه (وآله) وعنده خديجة فقال: إن اللّه يقرئ خديجة السلام فقالت: إن اللّه هو السلام، وعليك السلام، ورحمة اللّه وبركاته22.

10 – عن أبي الحسن الأول (الكاظم) عليه السّلام قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: “إن اللّه اختار من النساء اربعاً: مريم وآسية وخديجة وفاطمة”23.

11 – عن ابي اليقظان عمران بن عبد اللّه عن ربيعة السعدي قال أتيت حذيفة بن اليمان وهو في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فسمعتُه يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقول: “خديجةُ بنتُ خويلد سابقةُ نساء العالمين إلى الايمان باللّه وبمحمد (صلّى اللّه عليه وآله)”24.

12 – عن عروة قال قالت عائشة لفاطمة رضي اللّه عنها بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه (وآله) وسلّم: ألا ابشرك أني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه (وآله) يقول: “سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران، وفاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه (وآله) وسلّم، وخديجة بنت خويلد وآسية”25.

13 – عن أبي عبد اللّه (الصادق) عليه السّلام قال: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم منزله، فاذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها وهي تقول: واللّه يا بنت خديجة، ما ترين إلا أن لاُمِكِ علينا فضلاً، وأيُ فضل كان لها علينا ؟! ما هي إلا كبعضنا، فسمع صلّى اللّه عليه وآله مقالتها لفاطمة، فلما رأت فاطمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بكت، فقال: ما يبكيك يا بنت محمّد ؟! قالت: ذكرت اُمّي فتنقصتها فبكيتُ، فغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، ثم قال: “مَه يا حميراء، فان اللّه تبارك وتعالى بارك في الودُود الولود، وأن خديجة رحمها اللّه ولدت مِنّي طاهِراً، وهو عبدُ اللّه وهو المطهّر وولدت منّي القاسم، وفاطمة، ورقية، واُم كلثوم، وزينب، وأنت ممن أعقم اللّهُ رحمه فلم تلدي أجل هذه هي “خديجة بنت خويلد” شرفٌ وعقلٌ، وحبٌ عميق لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، ووفاء وإخلاص، وتضحية بالغالي والرخيص في سبيل الإسلام الحنيف.

هذه هي “خديجة” أول من آمنت باللّه ورسوله، وصدّقت محمّداً فيما جاء به عن ربه، من النساء، وآزره، فكان صلّى اللّه عليه وآله لا يسمع من المشركين شيئاً يكرهه من ردّ عليه، وتكذيب له الا فرّج اللّه عنه بخديجة التي كانت تخفف عنه26، وتهوّن عليه ما يلقى من قومه، بما تمنحه من لطفها، وعطفها، وعنايتها به صلّى اللّه عليه وآله، في غاية الاخلاص والودّ والتفاني.

ولهذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يحبُّها حباً شديداً ويجلّها ويقدرها حق قدرها27، ولم يفتأ يذكرها، ولم يتزوج عليها غيرها حتى رحلت وفاء لها، واحتراماً لشخصها ومشاعرها، وكان يغضب إذا ذكرها احدٌ بسوء، كيف وهي التي آمنت به اذ كفر به الناسُ، وصدّقته اذ كذّبه الناسُ، وواسته في مالها اذ حرمهُ الناسُ.

ولهذا أيضاً كانت وفاتها مصيبة عظيمة أحزنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ودفعته إلى أن يسمّي ذلك العام الذي توفي فيه ناصراه وحامياه، ورفيقا آلامه (زوجته هذه: خديجة بنت خويلد وعمه المؤمن الصامد الصابر ابو طالب عليهما السّلام) بعام الحداد، او عام الحزن28 وان يلزم بيته ويقلّ الخروج29، وأن ينزل صلّى اللّه عليه وآله عند دفنها في حفرتها، ويدخلها القبر بيده، في الحجون30.

عن ابن عباس في حديث طويل في زواج فاطمة الزهراء عليها السّلام بعلي عليه السّلام اجتمعت نساء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وكان يومئذٍ في بيت عائشة ليسألنّه أن يُدخل الزهراء على (عليّ) عليه السّلام فاحدقن به وقلن: فديناك بآبائنا وأُمهاتنا يا رسول اللّه قد اجتمعنا لأمر لو أنّ “خديجة” في الأحياء لقرّت بذلك عينُها.

قالت اُم سلمة: فلما ذكرنا “خديجة” بكى رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله ثم قال: “خديجة واين مثل خديجة، صدّقتني حين كذّبني الناسُ ووازرتني على دين اللّه وأعانتني عليه بمالها، إن اللّه عزّ وجلّ أمرني أن ابشر خديجة ببيت في الجنة من قصب (الزمرّد) لا صخب فيه ولا نصب”31.

لقد كانت خديجة من خيرة نساء قريش شرفاً، واكثرهنّ مالاً، واحسنهن جمالاً وأقواهنُّ عقلاً وفهماً وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة لشدة عفافها وصيانتها32 ويقال لها: سيدة قريش33، وكان لها من المكانة والمنزلة بحيث كان كل قومها وسراة أبناء جلدتها حريصين على الاقتران بها34، وقد خطبها – كما يحدثنا التاريخ – عظماء قريش وبذلوا لها الأموال، وممن خطبها ” عقبة بن ابي معيط” و”الصلت بن ابي يهاب” و”ابو جهل” و”ابو سفيان” فرفضتهم جميعاً، واختارت رسول اللّه – وهي في سن الأربعين وهو صلّى اللّه عليه وآله في الخامسة والعشرين – وهي تمتلك تلكم الثروة الطائلة، وهو صلّى اللّه عليه وآله لا يمتلك من حطام الدنيا إلا الشيء اليسير اليسير، رغبة في الاقتران به ولما عرفت فيه من كرم الأخلاق، وشرف النفس، والسجايا الكريمة والصفات العالية، وهي ما كانت تبحث عنه في حياتها وتتعشقه واذا بتلك المرأة الغنية الثرية العائشة في أفضل عيش تصبح في بيت زوجها الرسول صلّى اللّه عليه وآله تلك الزوجة المطيعة الخاضعة، الوفية المخلصة، وتسارع الى قبول دعوته، واعتناق دينه بوعي وبصيرة وارادة منها واختيار، وهي تعلم ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر ومتاعب، وتجعل كل ثروتها في خدمة العقيدة والمبدأ، وتشاطر زوجها آلامه، ومتاعبه، وترضى بأن تذوق مرارة الحصار في شعب أبي طالب ثلاث سنوات وفي سنّ الرابعة أو الخامسة والستين. وهي مع ذلك تواجه كل ذلك بصبر وثبات35، ودون أن يذكر عنها تبرُّم او توجع.

هذا مضافاً إلى أنها كانت تعامل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بأدب تامّ يليق بمقام الرسالة والنبوة، على العكس من غيرها من بعض نساء النبيّ اللائي كنَ ربما يثرن سخطه وغضبه، ويؤذينه في نفسه وأهله.

واليك فيما يأتي بعض ما قاله عنها كبار الشخصيات، والمؤرخين ممّا يكشف عن عظيم مكانتها عند المسلمين أيضاً، قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام: “كنتُ أول من أسلم، فمكثنا بذلِك ثلاث حجج وما على الأرض خلقٌ يُصلّي ويشهدُ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بما أتاهُ غيري، وغير ابنة خويلد رحمها اللّه وقد فعل”36.

وقال محمّد بن اسحاق: كانت خديجة أول من آمن باللّه ورسوله وصدّقت بما جاء من اللّه، ووازرته على أمره فخفف اللّه بذلك عن رسول اللّه، وكان لا يسمع شيئاً يكرهه من ردّ عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج اللّه ذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بها اذا رجع إليها تثبِّتُه، وتخفّف عنه، وتهوّن عليه امر الناس حتى ماتت رحمها اللّه37.

وعنه أيضاً: أن “خديجة بنت خويلد” و”ابا طالب” ماتا في عام واحد، فتتابع على رسول اللّه عليه وآله هلاك خديجة وابي طالب وكانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام، وكان رسول اللّه يسكن اليها38.

وقال أبو امامة ابن النقاش: ان سبق خديجة وتأثيرها في اول الإسلام ومؤازرتها ونصرتها وقيامها للّه بمالها ونفسها لم يشركها فيهُ احدٌ لا عائشة ولا غيرها من اُمهات المؤمنين39.

وقد جاء في المنتقى: ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عندما اُمِر بأن يصدع بالرسالة صعد على الصفا، وأخبر الناس بما أمره اللّه به فرماه أبو جهل قبحه اللّه بحجر فشجّ بين عينيه، وتبعه المشركون بالحجارة فهرب حتى أتى الجبل، فسمع عليٌّ وخديجةٌ بذلك فراحا يلتمسانه صلّى اللّه عليه وآله وهو جائع عطشان مرهق، ومضت خديجة تبحث عنه في كل مكان في الوادي وهي تناديه بحرقة وألم، وتبكي وتنحب، فنظر جبرئيل إلى خديجة تجول في الوادي فقال: يا رسول اللّه ألا ترى إلى خديجة فقد أبكت لبكائها ملائكة السماء ؟ اُدُعها اليك فاقرأها مني السلام وقل لها : إن اللّه يقرئك السلام، ويبشّرها أن لها في الجنة بيتاً من قصب لا نصب فيه ولا صخب فدعاها النبي صلّى اللّه عليه وآله والدماء تسيلُ من وجهه على الارض وهو يمسحها ويردّها، وبقي رسول اللّه وصلّى اللّه عليه وآله، وعلي وخديجة هناك حتى جَنَّ الليلُ فانصرفوا جميعاً ودخلت به خديجةُ منزلها، فأقعدته على الموضع الذي فيه الصخرة واظلّته بصخرة من فوق رأسه، وقامت في وجهه تستره ببُردها وأقبل المشركون يرمونه بالحجارة، فاذا جاءت من فوق رأسه صخرة وقته الصخرة، واذا رموهُ مِن تحته وقتهُ الجدرانُ الحُيّط، وإذا رُمي من بين يديه وقتهُ خديجة رضي اللّه عنها بنفسها، وجعلت تنادي يا معشر قريش ترمى الحُرّةُ في منزلها ؟ فلمّا سمِعوا ذلك انصرفُوا عنه، وأصبح رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وغدا إلى المسجد يُصلّي40.

ولقد بلغ من خضوعها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وحبّها له أنها بعد أن تم عقدُ زواجها برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قالت له صلّى اللّه عليه وآله: “إلى بيتك، فبيتي بيتك، وأنا جاريتك”41.

وجاء في السيرة الدحلانية بهامش السيرة الحلبية: ولسبقها إلى الإسلام وحسن المعروف جزاها اللّه سبحانه فبعث جبرئيل الى النبي صلّى اللّه عليه وآله وهو بغار حراء وقال له: اقرأ عليها السّلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، فقالت: هو السلام ومنه السلام وعلى جبرئيل السلام، وعليك يا رسول اللّه السلام ورحمة اللّه وبركاته، وهذا من وفور فقهها رضي اللّه عنها حيث جعلت مكان ردّ السلام على اللّه الثناء عليه ثم غايرت بين ما يليق به وما يليق بغيره، قال ابن هشام والقصب هنا اللؤلؤ المجوف، وابدى السهيلي لنفي النصب لطيفة هي انه صلّى اللّه عليه وآله لما دعاها الى الايمان أجابت طوعاً ولم تحوجه لرفع صوت ولا منازعة ولا نصب بل ازالت عنه كل تعب، وآنسته من كل وحشة، وهوّنت عليه كل عسير فناسب ان تكون منزلتها التي بشرها بها ربُها بالصفة المقابلة لفعلها وصورة حالها رضي اللّه عنها واقراء السلام من ربها خصوصية لم تكن لسواها، وتميزت أيضاً بأنها لم تسؤه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولم تغاضبه قط، وقد جازاها فلم يتزوج عليها مدة حياتها وبلغت منه ما لم تبلغه امرأة قط من زوجاته42.

افتخار اهل البيت بخديجة عليها السّلام:

وما يدل على سمو مقامها وعلو منزلتها أن اهل البيت عليهم السّلام طالما افتخروا بأن خديجة منهم، وانهم من خديجة وقد كانوا يعتزون بها، ويشيدون بمكانتها: فقد خطب معاوية بالكوفة حين دخلها والحسن والحسين عليهما السّلام جالسان تحت المنبر فذكر علياً عليه السّلام فنال منه ثم نال من الحسن فقام الحسين عليه السّلام ليردّ عليه فأخذه الحسن بيده وأجلسه ثم قام فقال: “أيّها الذاكِرُ عليّاً أنا الحسن وأبي عليّ وأنت معاويةُ وأبوك صخرٌ واُمي فاطمة واُمُّك هند وجدي رسُول اللّه وجدُّك عُتبةُ بن ربيعة وجدتي خديجة وجدتُك قتيلة فلعن اللّه أخملنا ذكراً وألأمُنا حسباً وشرّنا قديماً وحديثاً. فقال طوائفُ من أهل المسجد: آمين43.

وقيل: ان “الحسين” عليه السّلام ساير “أنس بن مالك” فاتى قبر خديجة فبكى ثم قال: إذهب عنّي قال “أنس”، فاستخفيتُ عنه فلما طال وقوفُه في الصلاة سمعته يقول:
يا ربِّ يا ربِّ أنت مولاهُ            فارحم عُبيداً إليك ملجاهُ
يا ذا المعالِي عليك مُعتمدي        طُوبى لِمن كُنت انت مولاهُ
طُوبى لِمن كان خادِماً أرقاً          يشكُو إلى ذِي الجلال بلواهُ

الى آخر الابيات44.

هكذا كان اهل البيت النبوي – اقتداءٌ برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يحترمون خديجة ويكرمونها لما كان لها من شخصية عظيمة ولما اسدته الى الإسلام والى رسول الإسلام من خدمات لا تنسى على مرّ الدهور.

ان بيان ونقل الاحاديث والروايات، وكذا الاقوال التي وردت في شأن خديجة والحديث عن شخصيتها ومكانتها ومدى إسهامها في انجاح ونصرة الدعوة المحمدية خارج عن امكانية هذه الدراسة، ونطاقها، لذلك نكتفي بهذه الالماعة العابرة تاركين الكلام باسهاب حولها إلى مجال آخر.

ولنعُد إلى تبيّن الأسباب الظاهرية والباطنية لزواجها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.

العللُ الظاهرية والحقيقية وراء زواج خديجة بالنبيّ صلّى اللّه عليه وآله:

إن الانسان الماديّ الذي ينظر الى كل ما يحيط به من خلال المنظار المادي، ويفسره تفسيراً مادياً قد يتصور (وبالاحرى يظن) أن “خديجة” كانت امرأة تاجرة تهُّمها تجارتها، وتنمية ثروتها، ولأنها كانت بحاجة ماسة الى رجل أمين قبل أي شيء، لذلك وجدت ضالتها في محمّد الصادق الامين صلّى اللّه عليه وآله فتزوجت منه، بعد أن عرضت نفسها عليه ومحمّد صلّى اللّه عليه وآله هو الآخر حيث انه كان يعلم بغناها وثروتها، قبل بهذا العرض رغم ما كان بينه وبينها من فارق في السن كبير.

ولكن التاريخ يثبت أن ثمة أسباباً وعللاً معنويّة لا مادية هي التي دفعت بخديجة للزواج بأمين قريش وفتاها الصادق الطاهر.

واليك في ما يأتي شواهدنا على هذا الامر:

1 – عندما سألت “خديجة” ميسرة عما رآه في رحلته من فتى قريش “محمّد” فخبّرها ميسرة بما شاهد ورأى من “محمّد” في تلك السفرة، وبما سمعه من راهب الشام حوله أحسّت “خديجة” في نفسها بشوق عظيم ورغبة شديدة نحوه كانت نابعه من اعجابها بمعنوية محمّد صلّى اللّه عليه وآله وكريم خصاله، وعظيم أخلاقه، فقالت من دون إرادتها: “حسبُك يا ميسرة، لقد زدتني شوقاً إلى محمّد صلّى اللّه عليه وآله، إذهب فانت حرٌ لوجه اللّه، وزوجتك وأولادك ولك عندي مائتا درهم وراحلتان” ثم خلعت عليه خلعة سنية45.

ثم إنها ذكرت ما سمعته من “ميسرة” لورقة بن نوفل وكان من حكماء العرب: فقال ورقة: “لئن كان هذا حقاً يا خديجة إن محمّداً لنبيُّ هذه الامُّة”46.

2 – مرّ النبيُّ صلّى اللّه عليه وآله يوماً بمنزل “خديجة بنت خويلد” وهي جالسة في ملأ من نسائها وجواريها وخدمها وكان عندها حبرٌ من أحبار اليهود، فلما مرّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله نظر إليه ذلك الحبر وقال: يا خديجة مري من يأتي بهذا الشاب، فأرسلت اليه من أتى به، ودخل منزل “خديجة”، فقال له الحبر: إكشف عن ظهرك فلما كشف له قال الحبر: هذا واللّه خاتم النبوة فقالت له خديجة: لو رآك عمه وأنت تفتّشه لحلّت عليك منه نازلة البلاء وان أعمامه ليحذرون عليه من أحبار اليهود.

فقال الحبر: ومن يقدر على “محمّد” هذا بسوء، هذا وحق الكليم رسولُ الملك العظيم في آخر الزمان، فطوبى لمن يكون له بعلاً، وتكون له زوجة وأهلاً فقد حازت شرف الدنيا والآخرة.

فتعجبَّت “خديجة”، وانصرف “محمّد” وقد اشتغل قلبُ “خديجة” بنت خويلد بحبه فقالت: أيها الحبر بمَ عرفت محمّداً انه نبي ؟

قال: وجدتُ صفاته في التوراة انه المبعوثُ آخر الزمان يموت أبوه وامُّه، ويكفله جدّه وعمه، وسوف يتزوج بامرأة من قريش سيدة قومها وأميرة عشيرتها، وأشار بيده الى خديجة فلما سمعت “خديجة” ما نطق به الحبر تعلق قلبُها بالنبيّ صلّى اللّه عليه وآله فلما خرج من عندها قال: إجتهدي ان لا يفوتك “محمّدٌ” فهو الشرف في الدنيا والآخرة47.

3 – لقد كان ورقة بن نوفل (وهو عم خديجة وكان من كُهّان قريش وقد قرأ صحف “شيث” عليه السّلام وصحف “إبراهيم” عليه السّلام وقرأ التوراة والانجيل وزبور “داود” عليه السّلام) يقول دائماً: سيُبعَثُ رجلٌ من قريش في آخر الزمان يتزوج بامرأة من قريش تسود قومها (أو تكون سيدة قومها، وأميرة عشيرتها)، ولهذا كان يقول لها: “يا خديجة سوف تتصلين برجل يكون أشرف أهل الأرض والسماء”48.

هذه قضايا ذكرها بعض المؤرخين، وهي منقولةٌ ومثبتة في طائفة كبيرة من الكتب التاريخية، وهي بمجموعها تدل على العلل الحقيقية والباطنية لرغبة خديجة في الزواج برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، وإن هذه الرغبة كانت ناشئة من اعجاب “خديجة” بأخلاق فتى قريش الأمين، ونبله، وطهارته، وعظيم سجاياه وخصاله، وحبها لهذه الاُمور، وليس هناك أي أثر في علل هذا الزواج لامانة “محمّد” وكونه أصلح من غيره لهذا السبب للقيام بتجارة “خديجة”.

كيف تمَّت خِطبةُ خديجة ؟
من المسلّم به أن اقتراح الزواج جاء من جانب “خديجة” نفسها أولاً، حتى أن ابن هشام49 نقل في سيرته: ان “خديجة” لما أخبرها ميسرة بما أخبرها به بعثت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فقالت له: “يا ابن عم إني قد رغبتُ فيك لقرابتك وسطتك (اي شرفك ومكانتك) في قومك، وأمانتك وحُسن خلقك، وصدق حديثك” ثمّ اقترحت عليه أن تتزوج به.

ويعتقدُ اكثرُ المؤرّخين أن “نفيسة بنت عليّة” بلّغت رسالة “خديجة” إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله على النحو التالي:
قالت: لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: “يا محمّد ما يمنعك أن تتزوج… ولو دُعيت الى الجمال والمال والشرف والكفاءة الا تجيب ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: فمن هي ؟ فقالت خديجة، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: وكيف لي بذلك، فقالت: عليَّ، فذهبت الى خديجة فأخبرتها، فأرسلت خديجة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بوكيلها “عمرو بن اسد”50 لتحديد ساعة من اجل مراسم الخطبة في محضر من الاقارب51.

فشاور النبيُ صلّى اللّه عليه وآله أعمامه وفي مقدمتهم “أبو طالب”، ثم عقدوا مجلساً فخماً حضره كبارُ وجوه قريش، ورؤساؤها فخطب “أبو طالب”، وبعد ان حمد اللّه واثنى عليه وصف إبن أخيه محمّداً بقوله: “ثم إن ابن أخي هذا محمّد بن عبد اللّه لا يوزَنُ به رجلٌ إلا رجح به شرفاً ونُبلاً وفضلاً وعقلاً، وإن كان في المال فإن المال ظِلُّ زائلٌ، وأمرٌ حائلٌ وعاريةٌ مُسترجعة، ولهُ في خديجة رغبةٌ ولها فيه رغبةٌ، والصّداق ما سألتم عاجله وآجله مِن مالي، ومحمّدٌ من قد عرفتُم قرابته”.

وحيث أن “ابا طالب” تعرَّض في خطبته لذكر قريش، وبني هاشم وفضيلتهم، ومنزلتهم بين العرب، لذلك تكلّم “ورقة بن نوفل بن اسد” الذي كان من أقارب خديجة52 وقال في خطبة له: “لا تنكُرُ العشيرة فضلكُم، ولا يرُدُّ أحدٌ من الناس فخركم وشرفكُم وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكُم”53.

ثم اُجري عقد النكاح ومهرها النبي صلّى اللّه عليه وآله أربعمائة دينار وقيل أصدقها عشرين بكرة54.

عمر خديجة عند زواجها بالنبيّ صلّى اللّه عليه وآله: المعروف المشهور أن خديجة عليها السّلام تزوجت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهي في سنّ الأربعين وأنها وُلدت قبل عام الفيل بخمسة عشر عاماً. وذكر البعضُ أقلَّ من ذلك أيضاً. وذكرَ أنها تزوجت قبل النبيّ صلّى اللّه عليه وآله برجلين أوّلهما “عتيقُ بن عائذ” ثم من بعده ابو هالة التميمي اللّذين توفي كلٌ منهما بُعيد زواجه بخديجة55.

1- سفينة البحار: مادّة نبأ.
2- السيرة النبوية لابن هشام: ج 1 ص 166.
3- بحار الأنوار: ج 16 ص 22، السيرة الحلبية ج 1 ص 132 و133، الكامل في التاريخ: ج 2 ص 24.
4- بحار الأنوار: ج 16 ص 22.
5- تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 21.
6- بحار الأنوار ج 16 ص 9 نقلاً عن معالم العترة.
7- قالت خديجة لهما: إعلما أنني قد أرسلتُ اليكما أميناً على أموالي وأنّه أمير قريش وسيّدها، فلا يدٌ على يده، فإن باع لا يُمنع وإن ترك لا يؤمر وليكُن كلامُكما له بلطف وأدب ولا يعلو كلامكما على كلامه، بحار الأنوار: ج 16 ص 29.
8- الخرايج: ص 186، بحار الأنوار: ج 16 ص 5.
9- الطبقات الكبرى: ج 1 ص 130 وفي بحار الأنوار: ج 16 ص 18: انه صلّى اللّه عليه وآله قال: إليك عني ثكلتك اُمّك فما تكلّمت العربُ بكلمة اثقل عليّ من هذه الكلمة.
10- بحار الأنوار: ج 16 ص 18، الطبقات الكبرى: ج 1 ص 130، الكامل لابن الأثير: ج 2 ص 24 و25.
11- خصال الصدوق: ج 1 ص 96 وغيره.
12- الكامل: ج 2 ص 37، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد المعتزلي الشافعي: ج 13 ص 197 – 201.
13- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 13 ص 225 و226.
14- صحيح مسلم: ج 7 ص 133، مستدرك الحاكم: ج 3 ص 184 و185 بطرق متعددة صحيحة على شرط الشيخين.
15و16- و صحيح مسلم: ج 7 ص 134، ومثلها في صحيح البخاري: ج 5 ص 38 و39.
17- شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد: ج 18، ص 108.
18- سفينة البحار: ج 1 ص 380 (خدج).
19- اسد الغابة: ج 5 ص 438، ورواها مسلم أيضاً: ج 7 ص 134، وكذا البخاري: ج 5 ص 39 وقد حذفا آخرها من: فغضب حتى.. الى آخر الرواية.
20- السيرة الحلبية: ج 1 ص 347، وأُسد الغابة: ج 5 ص 439.
21- الخصال للصدوق: ج 1 ص 96، كما في بحار الأنوار: ج 16 ص 2.
22- المستدرك على الصحيحين: ج 3 ص 1816.
23- الخصال: ج 1 ص 96، كما في البحار: ج 16 ص 2.
24و25- و المستدرك على الصحيحين: ج 3 ص 184 – 186 ووردت روايات بمضمون ذيل الحديث في صحيح مسلم: ج 7 ص 133.
26- الخصال: ج 2 ص 37 و38، كما في بحار الأنوار: ج 16، ص 3.
27- اعلام النساء لعمر رضا كحالة: ج 1 ص 328.
28- اعلام النساء: ج 1 ص 330.
29- تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 35، وقد روي عنه صلّى اللّه عليه وآله أنه قال بهذه المناسبة: “اجتمعت على هذه الاُمة مصيبتان لا أدري بأيهما أنا أشدّ جزعاً» المصدر نفسه، وراجع تاريخ الخميس: ج 1 ص 301 نقلاً عن سيرة مغلطاى.
30- السيرة الحلبية: ج 1 ص 347، المواهب اللدنية حسب نقل تاريخ الخميس: ج 1 ص 302 وفيه إضافة: ونالت قريش منه ما لم تكن تنال.
31- السيرة الحلبية: ج 1 ص 346.
32- بحار الأنوار: ج 43 ص 131 نقلاً عن كشف اليقين.
33- وو السيرة الحلبيّة: ج 1 ص 137.
34- شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد: ج 14 ص 59 قال: خديجة بنت خويلد وهي عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله محاصرة في الشِعب.
35- بحار الأنوار: ج 16 ص 2 ومثله في روايات متعددة في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 4 ص 119 و120.
36- بحار الأنوار: ج 16، ص 10 – 12.
37- نفس المصدر.
38- تاريخ الخمس في أحوال أنفس نفيس: ج 1 ص 266.
39- بحار الأنوار: ج 18 ص 243.
40- بحار الأنوار: ج 16 ص 4 نقلاً عن الخرائج والجرايح ص 186 و187.
41- السيرة الحلبية: ج 1 ص 169 الهامش.
42- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: ج 16، ص 46 و47.
43- بحار الأنوار: ج 44 ص 193 نقلاً عن عيون المحاسن.
44- بحار الأنوار: ج 16، ص 52.
45- السيرة النبوية: ج 1 ص 191، السيرة الحلبية: ج 1 ص 136.
46- بحار الأنوار: ج 16، ص 20 و21 نقلاً عن كتاب الأنوار لأبي الحسن البكري.
47- بحار الأنوار: ج 16، ص 21.
48- السيرة النبوية: ج 1 ص 189 و190.
49- المعروف ان والد خديجة توفي في حرب الفجار ولهذا قام بالايجاب من قبلها عمها عمرو بن اسد ولهذا لا يصح ما ذكره بعض المؤرخين من أنّ خويلد (والد خديجة) امتنع من تزويجها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في بداية الأمر، ثم رضي بذلك نزولاً عند رغبة خديجة.
50- تاريخ الخميس: ج 1 ص 264.
51- المعروف أنّ ورقة كان عمّاً لخديجة ولكن هذا موضع نقاش لأنّ “خديجة بنت خويلد بن اسد» وورقة بن نوفل بن اسد فيكونان اولاد عمومة أي أنّه ابن عم خديجة وهي بنت عمّه. ولذلك جاء في بعض المصادر وصفه ب”ابن عمّها» (تاريخ الخميس: ج 1 ص 282) وراجع قبله السيرة النبوية لابن هشام: ج 1، ص 203.
52- بحار الأنوار: ج 16 ص 16، مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 30، السيرة الحلبية: ج 1 ص 139، تاريخ الخميس: ج 1 ص 264.
53و45- السيرة الحلبية: ج 1 ص 139.
55- ربما يُشكَّك في أن تكون خديجة عليها السّلام قد تزوجت قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بأحد وهي التي امتنعت عن كل من خطبها ورام تزويجها من سادات قريش واشرافها. راجع الاستغاثة: ج 1، ص 70.

المصدر : شبكة المعارف الاسلامية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى